كتاب فن التحرير العربي

من العمال أن يستريحوا للغذاء.. حاول عم صابر بكل طاقته أن يرفع قامته وهو يحس بألم هائل بجسمه، وزحف إلى جدار ليستريح.. وبعد أن استراح قليلًا نهض ليشتري غذاء له رغيفًا بنصف قرش ونصف القرش الآخر اشترى به طعمية، وأكمل ملء معدته بالماء وهو يمسح شفتيه ويحمد الله ويعاود العمل من جديد حتى المساء.. مضيفًا إلى عمره شهورًا بعد السنين.
وقف عم صابر بعد انتهاء العمل يغسل يديه في أحد البراميل حين ارتفع صوت أبو المعاطي ... يا عم صابر.. لا تذهب الآن.. ابق هنا لتحرس أدوات الشغل حتى يحضر حارس الليل.
وأكمل وهو يركب سيارته ... وكلها قعدة.
ولاحقه صوت عم صابر وهو ينطلق بعيدًا..
حاضر يا معلم..حاضر..
وانصرف الجميع وجلس على الأرض وهو يسند ظهره على الجدار، ببرودته الرطبة فيحس ببرودة لذيذة تريح مفاصله المرهقة، ومرت الساعات طويلة وهو ينتظر حارس الليل وقاوم النعاس بالجوع الذي يقرص أمعاءه.
أحس بالرضى؛ لأن أبا المعاطي اختاره ليحرس العمارة ... لولا أمانتي لما اختارني من بين جميع العمال.. إنه رجل طيب، لقد قال لي اليوم: شد حيلك يا عم صابر، إنه يذكر اسمي.. رجل أمير حقًا ... أظن أنه سيمنحني غدًا خمسة قروش زيادة سأقبض خمسة وعشرين قرشًا مرة واحدة سأضعها في يد زوجتي، كم ستفرح غدًا.. هل تناولت طعامًا اليوم إنها نادرًا ما تجد غسيلًا هذه الأيام، لقد دبت الشيخوخة فيها هي أيضًا، ولم يعد غسيلها نظيفًا كما كان؛ على الرغم من أنها تنكر ذلك وتقول: إنه يخرج من تحت يديها أنظف غسيل، هي صادقة كذلك لقد ضعف نظرها فما عادت ترى الأشياء كما هي.. أعطاها الله القوة لقد تعبت معي كثيرًا.. .وأنا تعبت كذلك.. وما عاد أحد يطلبني للعمل كالسابق ...

الصفحة 197