كتاب فن التحرير العربي

والصفات والمواقف من العقبات التي تعيق كاتب الرواية؛ لهذا نجد كاتبًا روائيًا كيحيى حقي ينصح الكتاب الشباب بأن يجعلوا من أنفسهم آلة تصوير مفتوحة، تسجل كل شيء، وأن يبدؤوا بتجاربهم الذاتية ثم يطلقوا العنان لخيالاتهم في مرحلة متقدمة، وذلك عندما يمتلكون أدواتهم وتستقيم لهم لغتهم، ويؤكد أنه من غير المفيد الالتزام بقواعد الرواية أو التفكير بها أثناء الكتابة. في حين نجد كاتبًا مشهورا كنجيب محفوظ يقول: إنني ما أمسكت القلم لأكتب رواية إلا وكانت متبلورة في ذهني: الشخصيات والأحداث والبداية والنهاية، كل ذلك مسجل في فهرست.
ويؤكد يوسف إدريس أنه لا يلجأ إلى التخطيط، ولكنه يبدأ بخلفيه فكرية يتمثلها جيدًا.
وهكذا يتضح لنا أنه ليس ثمة خطوات محددة يمكن أن يسلكها المبدع في كتابة الرواية، فلكل كاتب طريقته الخاصة به، ومن استعراضنا لشهادات العديد من كتاب الرواية - سواء من ألف منهم كتبًا في هذا المجال مثل حنا مينا، أو من أدلى بشهادته مكتوبة في المؤتمرات والندوات الخاصة بالرواية - يتبين لنا أن لكل منهجه المتميز عن غيره1.
ولعل من المفيد أن نشير إلى تجربة أحد الأساتذة المعروفين في هذا المجال ممن عهد إليهم تدريس منهج الكتابة الإبداعية في الجامعات، حيث يقول: قمت قبل ثماني سنوات بتدريس مادة الكتابة الإبداعية في إحدى الكليات بولاية فرجينيا، وتوصلت إلى نتيجة مفادها: أنه لا يمكن تدريس المادة ... ولم يقتصر الأمر على ذلك ... بل يتحتم عدم القياس بتدريسها.. إذ أن الكتابة الإبداعية عملية شاقة كالصعود إلى أعلى التل حيث يتساقط الضعفاء بينما يواصل الأقوياء بتؤدة كي يصبحوا كتابًا جيدين، ثم يخلص من ذلك كله إلى القول:
__________
1 راجع العدد الخاص من مجلة فصول عن "فن الرواية" 1983. وكولن ولسون: فن الرواية، ترجمة محمد درويش، دار المأمون، بغداد سنة 1986م ص13 إلى ص15.

الصفحة 201