كتاب فن التحرير العربي

للمسرحية، وهناك أفعال عنيفة لا تمثل على خشبة المسرح يلجأ كاتب المسرحية إلى روايتها عن طريق الحوار، ولكن هذه الرواية تكون مملة إذا لم يهيء لها بالتشويق وإثارة الاهتمام واختيار المواقف المتوترة.
ومن الوظائف الحيوية للحوار الكشف عن جوانب الشخصية كما أسلفنا، أضف إلى ذلك وصف المنظر، والحوار المسرحي لا تقاس جودته بمدى واقعيته لأنه؛ صناعة وحرفة، ولهذا نجد أن جودته ترتبط بعناصر منها قدرته على إبراز المقومات الجوهرية للشخصية؛ فالفن تحويل وليس نقلًا، من هنا تسقط جميع الحجج الواهية حول ازدواجية الحوار؛ لأن من المفترض أن يعتمد الكاتب على سمات أخرى غير عامية اللغة أو فصاحتها، ويستحسن أن تكون الفقرات الحوارية قصيرة مكثفة، وألا تطول بحيث تُفقِد السامع قدرته على المتابعة والتركيز، وقد يكون من الضروري تضمين الحوار المسرحي بعض خصائص الحديث الفعلي للإيهام بواقعيته مثل التفكك والاستطراد والتوقف المفاجئ....إلخ.
ومن الأهمية بمكان تنوع مستويات الحديث وفقًا لمستويات الشخصيات وتباين مواقفها وانتماءاتها.
وبعد هذا وذاك لا بد للكاتب المسرحي من العناية بالإيقاع، والإيقاع مرتبط بمعدل السرعة في الكلام، وهذه السرعة تخضع لعوامل مختلفة مردها إلى نوعية الكلمات المستخدمة وانسجامها وتآلفها وكيفية الانتقال بين الفقرات المسرحية، ولهذا يحسن بالكاتب أن يقرأ بصوت مسموع أجزاء من مسرحيته ليدرك هذه الخاصية، ويتأكد من انسجام الإيقاع في الحوار المسرحي1.
وينبغي الانتباه إلى أهمية تلوين الإيقاع في المواقف المتأزمة والمتوترة، وقد ترق لغته حتى تقترب من لغة الشعر في بعض المواقف، وقد تكون الإفاضة في
__________
1 راجع: روجرم مسفيلد "الابن" في كتابه: فن الكاتب المسرحي للمسرح والإذاعة والتليفزيون والسينما، ترجمة وتقديم دريني خشبة، دار مصر للطبع والنشر - القاهرة ص226.
نقلًا عن فن المسرحية لعبد الرحمن شلش ص40.

الصفحة 211