فكان فى ذلك خلاصه.
والذى يدل على هذا أبلغ دلالة:
أولاً: أن الله آتاه العلم والحكمة.
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (¬1).
ثانيًا: أنه أجاب امرأة العزيز بعد المراودة، بما يدل دلالة قاطعة على أن السوء لا يخطر على قلبه.
{إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (¬2).
فالذى يقول هذا لا يتصور منه الهم بالفحش.
ثالثًا: أن الله صرف عنه السوء والفحشاء، وأخلصه لنفسه.
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (¬3).
ومن كان كذلك لا يمكن أن تتوجه نفسه مجرد توجه إلى سوء أو إلى فحش، لا فى القوم ولا فى العمل.
رابعًا: أن كل هَمّ فى القرآن إنما يقصد به الهَمّ بالأذى، كالضرب والقتل.
{وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} (¬4).
{وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} (¬5).
وهكذا لو تتبعنا جميع أسباب براءة يوسف عليه السلام من الهَمّ بالفاحشة، لوجدناها من الكثرة بحيث لا يتسع لها هذا المختصر.
¬_________
(¬1) سورة يوسف - الآية 22.
(¬2) سورة يوسف - الآية 23.
(¬3) سورة يوسف - الآية 24.
(¬4) سورة غافر - الآية 5.
(¬5) سورة التوبة - الآية 74.