كتاب الأشاعرة في ميزان أهل السنة

ويثنيان به على المذهب الذي ارتضياه لنفسيهما، واعتقدا ما يعتقد الأشاعرة في الله تعالى، أعني الكلام في صفات الله تعالى، وادعيا أن الأشاعرة هم أهل السنة.
وحقيقة الأمر أن الأشاعرة خالفوا أهل السنة وخاصة المتأخرون منهم مخالفة جذرية في مسألة الصفات، وذلك لأنهم بنوا قولهم فيها على قول المعتزلة، لايغادرون من قولهم شيئاً في الأصول، فقرروا ما قرره المعتزلة من أن معرفة الله عقلية، واستدلوا لإثبات وجود الله تعالى بدليل الحدوث أو الامكان، ولما كانوا أتعبوا أنفسهم في إثباته، أعني تقرير وجود الله تعالى ظنوا أنهم فازوا بفرس السبق في هذا المسلك، فراحوا يحافظون على هذا المسلك بكل وسيلة، لأنه عندهم الطريق الوحيد لإثبات وجود الله تعالى، وهو الدليل الذي يقيمون به الحجة على ملاحدة بني آدم المنكرين لوجود الله تعالى، مع أنه دليل فاسد ومسلك كاسد لم يستدل به الأنبياء ولا أهل العلم والدين من الصحابة ومن سلك منهجهم.
أقول لما وصلوا إلى هذه النتيجة - على ضلع- بهذا الدليل راحوا يبطلون كل ما يتعارض معه ويردونه ولا يقبلونه، بل يذمون من قبله أو أخذ به لأنه في الحقيقة على زعمهم سيهدم أصلهم الذي أثبتوا به وجود الله تعالى، فبناءً عليه قرروا أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بصفة تدل على الحدوث أو الجسمية، فأبطلوا جميع الصفات الاختيارية الفعلية كالاستواء والنزول والكلام والرحمة والغضب

الصفحة 20