كتاب مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

هذه واحدة؛ وأما الثَّانية: فهي قول الأستاذ أحمد جَمَال: "إنَّ نصِّ الآيةِ أو سياقَها لا يُساعد على نزولها في أبي جهل".
فإنه يفهم منه أنَّه يعتقد أنَّ بالإمكان معرفة سبب النُّزول بالاستنباط من الآية، وهو خطأٌ فاحش.
وإنَّه لا سبيل لمعرفة سبب النُّزول إلا بالرِّواية، انظْر الإتقان في علوم القرآن للسُّيوطي (¬1).
وقال الأخ أحمد جَمَال: "وهو أسلوبٌ عربيٌّ معروف بليغ، ويُسَمَّى تأكيدَ الذَّمِّ بما يُشْبِه المدح".
والجواب عن هذه: أنَّها "حَزٌّ في غير مَفْصِل"، وأنَّ هذا الأسلوب نسبَهُ أحمد جمال للمحسِّنات المعنويَّة من البديع، وهو بعيدٌ كلَّ البعد عن ذلك، بل هو من فنِّ البيان ثم من باب التَّشبيه منه.
فهو تشبيهٌ انْتُزِعَ وجهُ شبههِ من التَّنافي لنكتةِ التَّهَكُّم، وذلك على نحو ما عَقَدَهُ العَلَّامة الشَّيخ عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي الشَّنقيطي، في نظمه (نَوْر الأقاح) بقوله:
وينزعُ الوجهُ من التَّنافي ... إذا يُنزَّلُ كالائتلافِ
¬__________
(¬1) (1/ 31).

الصفحة 301