كتاب الوجازة في الأثبات والإجازة

ولا مَقُوْدٌ ولا خِطَامٌ.
ولَكِنَّ اللهَ أوْجَدَ لها مِنْ عُلَماءِ هَذَا الدِّيْنِ، مُنْذُ عَهْدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أجْمَعِيْنَ (¬1)، مَنْ يُبَيِّنُ زَيْفَهَا، ويَفْضَحُ زَخَارِفَها.
فَوُجِدَ بَيْنَ النَّاسِ مَنْ سُمُّوا (صَيَارِفَةً)، فَكَشَفُوا الصَّحِيْحَ مِنَ المَوْضُوْعِ، والضَّعِيْفَ مِنَ المَعْلُوْلِ، والمَوْصُوْلَ مِنَ المَقْطُوْعِ، والمُضَافَ إلى الحقِّ مِنَ المَدْخُوْلِ، وهَكَذَا حَتَّى وَصَلَنا حَدِيْثُ سَيِّدِنا رَسُوْلِ الله - صلى الله عليه وسلم - سَالمًا مِنْ كُلِّ عِلَّةٍ بالجُمْلَةِ الكُلِّيَّةِ، ونَبْذِ الحَدِيْثِ المَوْضُوْعِ جُمْلَةً وتَفْصِيلاً، وتَسْدِيْدِ الحَدِيْثِ الضَّعِيْفِ بكَلِماتٍ وَاضِحَةٍ جَلِيَّةٍ، لا يَلْجَأ إلَيْها إلاَّ مَنْ كَانَ في قَلْبِه عِلَّةٌ خَفِيَّةٌ، وتَبرَّأ مِنْهَا مَنْ حَسُنْتْ فِيْهِ الطَّوِيَّةُ، وأتَى اللهَ بقَلْبٍ سَلِيْمٍ.
وأنَّ كُلَّ مُشْتَغِلٍ بعِلْمِ الحَدِيْثِ الشَّرِيْفِ يجِدُ في الكَثِيْرِ مِنْ هَذَا الكِتَابِ مِثْلَ مَا كَانَ يجِدُ أسْلافُه في الكُتُبِ الَّتِي وُضِعَتْ لِكُلِّ عَصْرٍ مِنْ عُلَماءِ الجَرْحِ والتَّعْدِيْلِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ في زَمَانِه (¬2).
* * *
¬_________
(¬1) انْظُرْ مَوْقِفَ سَيِّدِنا الشَّهِيْدِ السَّعِيْدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ في تَشْدِيْدِهِ عَلى كُلِّ مَنْ يَرْوِي حَدِيْثًا عَنْ سَيِّدِنا رَسُوْلِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟!
(¬2) وانْظُرْ مَوَاقِفَ سَيِّدَتِنا أمِّ المؤمِنِيْنَ الصِّدِّيْقَةِ عَائِشَةَ (57) مَعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، الَّذِيْنَ فِيْهِم مَنْ رَوَى مِنْ أحَادِيْثَ في كِتَابِ «الإجَابَةِ لإيْرَادِ مَا اسْتَدْرَكَتْهُ عَائِشَةُ عَلى الصَّحَابَةِ» تَألِيْفُ الإمَامِ بَدْرِ الدِّيْنِ مُحمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزَّرْكَشِي (794)، بتَحْقِيْقِ أُسْتَاذِنا العَلامَةِ السَّلَفِيِّ سَعِيْدٍ الأفْغَاني (1417) رَحِمَهُ اللهُ، وقَدْ طَبَعَهُ المَكْتَبُ الإسْلامِيُّ، أرْبَعَ طَبَعَاتٍ، وتجِدُ فِيْه رُجُوْعَ كِبَارِ الصَّحَابَةِ إلى رَأيِها مِنْ سِيِّدِنا الصِّدِّيْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْه، واسْتِدْرَاكِها عَلى إخْوَتِها زَوْجَاتِ النَّبِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ، بقَوْلِه - صلى الله عليه وسلم -: «لا نُوْرِثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ»، ثُمَّ إلى الزَّعْمِ بوَصِيَّةِ النَّبِي إلى سَيِّدِنا عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَ وَفَاتِه، وكَذَلِكَ العَشَرَاتُ مِنْ مُؤلَّفَاتِ الجَرْحِ والتَّعْدِيْلِ.

الصفحة 6