كتاب رياض الصالحين ت الفحل

أَكْذِبَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَلاَ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَوْ لَمْ أَسمعه مِنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا - حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّات - مَا حَدَّثْتُ أَبدًا بِهِ، وَلكنِّي سمعتُهُ أكثَر من ذلِكَ. رواه مسلم. (¬1)
قوله: «جُرَآءُ عَلَيهِ قَومُه» هُوَ بجيم مضمومة وبالمد عَلَى وزنِ عُلماءَ، أيْ: جَاسِرونَ مُستَطِيلُونَ غيرُ هائِبينَ، هذِهِ الرواية المشهورةُ، ورواه الحُمَيْدِيُّ (¬2) وغيرُهُ «حِرَاءٌ» بكسر الحاء المهملة، وَقالَ: معناه غِضَابٌ ذَوُو غَمّ وهَمّ، قَدْ عِيلَ صَبرُهُمْ بِهِ، حَتَّى أثَّرَ في أجسامهم، من قولِهِم: حَرَى جسمهُ يَحْرَى، إِذَا نَقَصَ مِنْ ألمٍ أَوْ غَمٍّ ونحوهِ، والصَّحيحُ أنَّهُ بالجيمِ.
قوله - صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ قَرنَيْ شيطان» أيْ ناحيتي رأسِهِ والمرادُ التَّمْثيلُ، وَمعْنَاهُ: أنه حينئذٍ يَتَحرَّكُ الشَّيطَانُ وَشيعَتُهُ، وَيتَسَلَّطُونَ.
وقوله: «يُقَرِّبُ وَضوءهُ» معناه يُحضِرُ الماءَ الَّذِي يَتَوضّأ بِهِ، وقوله: «إلاَّ خَرَّت خطايا» هُوَ بالخاءِ المعجمة: أيْ سقطت، ورواه بعضُهم «جَرَت» بالجيم، والصحيح بالخاءِ وَهُوَ رواية الجمهور. وقوله: «فينْتَثرُ» أيْ يَستخرجُ مَا في أنفهِ مِنْ أذىً والنَّثْرَةُ: طَرَفُ الأنْفِ.
¬__________
(¬1) أخرجه: مسلم 2/ 208 (832) (294).
(¬2) الإمام المحدِّث محمد بن فتوح (ت 488 هـ‍) في كتابه "الجمع بين الصحيحين" (3075).
439 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَرادَ اللهُ تَعَالَى رَحمةَ أُمَّةٍ، قَبَضَ نَبيَّهَا قَبْلَها، فَجعلهُ لَهَا فَرطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَديْهَا، وإذَا أَرادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَهْلكَها وَهُوَ حيٌّ يَنظُرُ، فَأَقرّ عَينَهُ بهلاَكِها حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوا أَمْرَهُ». رواه مسلم (¬1).
¬__________
(¬1) أخرجه: مسلم 7/ 65 (2288) (24).
52 - باب فضل الرجاء
قَالَ الله تَعَالَى إخبارًا عن العبدِ الصالِحِ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: 44، 45]
440 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ الله - عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنا معه حَيْثُ يَذْكُرنِي، وَاللهِ، للهُ أَفْرَحُ بِتَوبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ -[157]- يَجِدُ ضَالَّتَهُ (¬1) بِالفَلاَةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ». متفقٌ عليه، (¬2) وهذا لفظ إحدى روايات مسلم. وتقدم شرحه في الباب قبله. (¬3)
ورُوِيَ في الصحيحين: «وأنا معه حين يذكرني» بالنون، وفي هذه الرواية
«حيث» بالثاء وكلاهما صحيح.
¬__________
(¬1) أي الضائعة من كل ما يُقتنى من الحيوان وغيره. النهاية 3/ 98.
(¬2) أخرجه: البخاري 9/ 147 (7405)، ومسلم 8/ 91 (2675) (1).
(¬3) انظر الحديث (413) عن أبي ذر.

الصفحة 156