كتاب رياض الصالحين ت الفحل

33 - وعن عائشةَ - رضيَ الله عنها: أَنَّهَا سَألَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطّاعُونِ (¬1)، فَأَخْبَرَهَا أنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تعالى رَحْمَةً للْمُؤْمِنينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُونِ فيمكثُ في بلدِهِ صَابرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أنَّهُ لا يصيبُهُ إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ الشّهيدِ. رواه البخاري. (¬2)
¬__________
(¬1) الطاعون: قيل: إنه وباء معين. وقيل: إنه كل وباء عام يحل بالأرض فيصيب أهلها ويموت الناس منه مثل الكوليرا. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 103.
(¬2) أخرجه: البخاري 4/ 213 (3474).
34 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الله - عز وجل - قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عبدي بحَبيبتَيه فَصَبرَ عَوَّضتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ» يريد عينيه، رواه البخاري. (¬1)
¬__________
(¬1) أخرجه: البخاري 7/ 151 (5653).
35 - وعن عطَاء بن أبي رَباحٍ، قَالَ: قَالَ لي ابنُ عَباسٍ رضي اللهُ عنهما: ألاَ أُريكَ امْرَأةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هذِهِ المَرْأةُ السَّوداءُ أتتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إنّي أُصْرَعُ (¬1)، وإِنِّي أتَكَشَّفُ، فادْعُ الله تَعَالَى لي. قَالَ: «إنْ شئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإنْ شئْتِ دَعَوتُ الله تَعَالَى أَنْ يُعَافِيكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ فَادعُ الله أَنْ لا أَتَكَشَّف، فَدَعَا لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (¬2)
¬__________
(¬1) من الصرع وهو مرض معروف نسأل الله العافية.
(¬2) أخرجه: البخاري 7/ 150 و151 (5652)، ومسلم 8/ 16 (2576).
36 - وعن أبي عبد الرحمانِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِياءِ، صَلَواتُ الله وَسَلامُهُ عَلَيْهمْ، ضَرَبه قَوْمُهُ فَأدْمَوهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَومي، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ». مُتَّفَقٌ علَيهِ. (¬1)
¬__________
(¬1) أخرجه: البخاري 4/ 213 (3477)، ومسلم 5/ 179 (1792).
37 - وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضيَ الله عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ، وَلاَ حَزَنٍ، وَلاَ أذًى، وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَاياهُ (¬1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (¬2)
و «الوَصَبُ»: المرض.
¬__________
(¬1) المصائب تكون على وجهين:
1 - تارة إذا أُصيب الإنسان تذكّر الأجر واحتسب هذه المصيبة على الله فيكون فيها فائدتان: تكفير الذنوب، وزيادة الحسنات.
2 - وتارة يغفل عن هذا فيضيق صدره، ويغفل عن نية الاحتساب، والأجر على الله فيكون في ذلك تكفير لسيئاته، إذًا هو رابح على كل حال في هذه المصائب التي تأتيه. فإما أن يربح تكفير السيئات، وحط الذنوب بدون أن يحصل له أجر لأنه لم ينو شيئًا ولم يصبر ولم يحتسب الأجر، وإما أن يربح شيئين كما تقدم.
ولهذا ينبغي للإنسان إذا أصيب ولو بشوكة، فليتذكر الاحتساب من الله على هذه المصيبة. شرح رياض الصالحين 1/ 109.
(¬2) أخرجه: البخاري 7/ 148 (5641)، ومسلم 8/ 16 (2573) (52).

الصفحة 29