كتاب رياض الصالحين ت الفحل

1523 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قالوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أخَاكَ بِما يَكْرَهُ» قِيلَ: أفَرَأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أقُولُ؟ قَالَ: «إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فقد اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ (¬1)». رواه مسلم. (¬2)
¬__________
(¬1) البُهْتُ: الكذب والإفْتِراء. فَقَدْ بهتَّه، أي كذَبت وافْتَريْت عليه. (النهاية: 1/ 433).
(¬2) أخرجه: مسلم 8/ 21 (2589) (70).
1524 - وعن أَبي بَكْرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ في خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى في حَجَّةِ الوَدَاعِ: «إنَّ دِماءكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ، وأعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ» متفق عَلَيْهِ. (¬1)
¬__________
(¬1) أخرجه: البخاري 1/ 37 (105)، ومسلم 5/ 108 (1679) (30).
1525 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قُلْتُ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كذَا وكَذَا. قَالَ بعضُ الرواةِ: تَعْنِي قَصيرَةً، فقالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ!» قالت: وَحَكَيْتُ لَهُ إنْسَانًا فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أنِّي حَكَيْتُ (¬1) إنْسانًا وإنَّ لِي كَذَا وَكَذَا». رواه أَبُو داود والترمذي، (¬2) وقال: «حديث حسن صحيح».
ومعنى: «مَزَجَتْهُ» خَالَطَتْهُ مُخَالَطَةً يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِشِدَّةِ نَتْنِها وَقُبْحِهَا. وهذا الحَديثُ مِنْ أبلَغِ الزَّواجِرِ عَنِ الغِيبَةِ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4].
¬__________
(¬1) أي: فعلت مثل فعله. النهاية 1/ 421.
(¬2) أخرجه: أبو داود (4875)، والترمذي (2502).
1526 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَومٍ لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟ قَالَ: هؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ!». رواه أَبُو داود. (¬1)
¬__________
(¬1) أخرجه: أبو داود (4878) و (4879).
1527 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ». رواه مسلم. (¬1)
¬__________
(¬1) أخرجه: مسلم 8/ 10 (2564) (32).
255 - باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى قائلها
فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه
قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: 55]، وقال تَعَالَى: {والَّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3]، وقال تَعَالَى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ -[425]- وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36]، وقال تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].

الصفحة 424