كتاب رياض الصالحين ت الفحل

165 - العاشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَوعِظَةٍ، فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ مَحْشُورونَ إِلَى الله تَعَالَى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 103] ألا وَإنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى يَومَ القِيَامَةِ إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم - ألا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرجالٍ مِنْ أُمَّتي فَيُؤخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشَّمالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أصْحَابِي. فَيُقَالُ: إنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأقُولُ كَما قَالَ العَبدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قولِهِ: {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118] (¬1) فَيُقَالُ لِي: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ (¬2)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (¬3)
«غُرْلًا»: أي غَيرَ مَخْتُونِينَ.
¬__________
(¬1) {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 117 - 118]
(¬2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 166 (2860): «المقصود أنهم يحشرون كما خُلقوا لا شيء معهم، ولا يفقد منهم شيء».
(¬3) أخرجه: البخاري 4/ 169 (3349)، ومسلم 8/ 157 (2860) (58).
166 - الحادي عشر: عن أَبي سعيد عبد الله بن مُغَفَّلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الخَذْفِ (¬1)، وقالَ: «إنَّهُ لاَ يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلاَ يَنْكَأُ (¬2) العَدُوَّ، وإنَّهُ يَفْقَأُ (¬3) العَيْنَ، وَيَكْسِرُ السِّنَّ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (¬4)
وفي رواية: أنَّ قَريبًا لابْنِ مُغَفَّل خَذَفَ فَنَهَاهُ، وَقالَ: إنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -
نَهَى عَن الخَذْفِ، وَقَالَ: «إنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيدًا» ثُمَّ عادَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهُ، ثُمَّ عُدْتَ تَخذفُ!؟ لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا (¬5).
¬__________
(¬1) الخذف: هو أخذ حصاة أو نواة بين السبابتين ويرمى بها. النهاية 2/ 16.
(¬2) ينكأ: أي لا يقتل. دليل الفالحين 2/ 221.
(¬3) أي يشقها. النهاية 3/ 461.
(¬4) أخرجه: البخاري 8/ 60 (6220)، ومسلم 6/ 72 (1954) (56).
(¬5) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 94 (1954): «فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم».
167 - وعَن عابس بن رَبيعة، قَالَ: رَأيْتُ عُمَرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - يُقَبِّلُ الحَجَرَ -[76]- يَعْنِي: الأسْوَدَ - وَيَقُولُ: إني أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ مَا تَنْفَعُ وَلاَ تَضُرُّ، وَلَولا أنِّي رَأيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ (¬1). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (¬2)
¬__________
(¬1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 584 (1597): «في الحديث التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها».
(¬2) أخرجه: البخاري 2/ 183 (1597)، ومسلم 4/ 67 (1270) (251).

الصفحة 75