كتاب رياض الصالحين ت الفحل

18 - باب في النهي عن البدع ومحدثات الأمور
قَالَ الله تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلال} [يونس: 32]، وَقالَ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء} [الأنعام: 38]، وَقالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] أيِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]، وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:31] وَالآياتُ في البَابِ كَثيرةٌ مَعلُومَةٌ.
وَأَمَّا اَلأحادِيثُ فَكَثيرَةٌ جدًا، وَهيَ مَشْهُورَةٌ فَنَقْتَصِرُ عَلَى طَرَفٍ مِنْهَا:
169 - عن عائشة رَضِي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ (¬1)». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ (¬2)». (¬3)
¬__________
(¬1) أي مردود عليه. النهاية 2/ 213.
(¬2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 6/ 213 (1718): «هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات».
(¬3) أخرجه: البخاري 3/ 241 (2697)، ومسلم 5/ 132 (1718) (17) و (18).
170 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَينَاهُ، وَعَلا صَوتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيشٍ، يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» وَيَقُولُ: «بُعِثتُ أنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَينِ» وَيَقْرِنُ بَيْنَ أُصبُعَيهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَيَقُولُ: «أمَّا بَعْدُ، فَإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ الله، وَخَيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،-[78]- وَكُلَّ بِدْعَة ضَلالَةٌ» ثُمَّ يَقُولُ: «أنَا أوْلَى بِكُلِّ مُؤمِنٍ مِنْ نَفسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا (¬1) فَإلَيَّ وَعَلَيَّ» (¬2) رواه مسلم. (¬3)
وعن العرباض بن سَارية - رضي الله عنه - حدِيثه السابق (¬4) في بابِ المحافظةِ عَلَى السنةِ.
¬__________
(¬1) الضياع: العيال. النهاية 3/ 107.
(¬2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 3/ 339 (867): «فيه أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته، واستحباب قول: «أما بعد» في خطب الوعظ والجمعة والعيد، وكذا في خطب الكتب المصنفة».
(¬3) أخرجه: مسلم 3/ 11 (867) (43).
(¬4) انظر الحديث (157).

الصفحة 77