كتاب الفتح المبين بشرح الأربعين

وقال بعضهم: (ليس هذا من الحسن في الوجه، وإنما معناه: حسَّن اللَّه وجهه في خَلْقه؛ أي: في جاهه وقَدْره، فهو مثل قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "اطلبوا الحوائج إلى حسان الوجوه" (¬1) يعني: الوجوه من الناس وذوي الأقدار) انتهى، وهو تأويلٌ بعيدٌ مخالفٌ للظاهر من غير حاملٍ عليه، وليس نظيرَ حديث: "اطلبوا الحوائج" لذكر الوجوه فيه المحتمل لأن يراد بها جمع (وجه) من الوجاهة؛ وهي: التقدُّم وعلو القدر.
وحكى ابن العربي عن ابن بُشْكوال: أنه بالصاد المهملة، وهو شاذٌّ.
(امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها) رواه الترمذي عن ابن مسعود، وقال: حسن صحيح، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه" عن جبير بن مطعم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأبو داوود، وابن ماجه، والترمذي عن زيد بن ثابت، وقال: حسن (¬2).
وفي روايةٍ صحيحةٍ: "نضر اللَّه امرأ سمع منَّا حديثًا فأداه عنَّا كما سمعه، فربَّ مبلَّغ -أي: بفتح اللام- أوعى من سامع" (¬3).
وفي أخرى صحيحةٍ أيضًا: "نضر اللَّه رجلًا سمع منا كلمةً فبلغها كما سمعها، فرب مبلَّغٍ أوعى من سامع" (¬4).
قال الروياني في "بحره": (في الخبر: بيان أن الفقه هو الاستنباط والاستدراك لمعاني الكلام، وفي ضِمْنه وجوب التفقهِ والحثِّ على استنباط معاني الحديث) اهـ (¬5)
¬__________
= والنضرة: الحسن والرونق، والمعنى: خصه اللَّه تعالي بالبهجة والسرور؛ لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة، فجازاه في دعائه بما يناسب حاله في المعاملة. اهـ "الفتوحات الوهبية" (ص 41).
(¬1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3799) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(¬2) سنن الترمذي (2656) و (2657)، وصحيح ابن حبان (66)، ومستدرك الحاكم (1/ 87)، وسنن أبي داوود (3660)، وسنن ابن ماجه (230).
(¬3) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1326) عن سيدنا عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
(¬4) أخرجه الشاشي في "مسنده" (278)، والبيهقي في "الشعب" (1607) عن سيدنا عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
(¬5) بحر المذهب (1/ 20 - 21).

الصفحة 111