(أفضل المخلوقين) كلهم، بشهادة قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "أنا سيد الناس يوم القيامة" رواه البخاري (¬1)، وقوله: "أنا سيد العالمين" رواه البيهقي (¬2)، و (العالمون) وإن اختصَّ بالعقلاء على ما مر فهم أفضل أنواع المخلوقات، فإذا فضل هذا النوعَ. . فقد فضل سائر الأنواع بالضرورة.
وقوله: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر (¬3)، وما من نبيٍّ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي" رواه الترمذي (¬4)، ومن آخر هذا وصريح الأولَينِ عُلِمت أفضليته على آدم، فقوله: "أنا سيد ولد آدم" إما للتأدُّب مع آدم، أو لأنه عُلِم فضلُ بعض بنيه عليه كإبراهيم، فإذا فضل نبيُّنا الأفضلَ من آدم. . فقد فضل آدم بالأَولى.
ولا ينافي التفضيل بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قوله تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}، ولا ينافي الأحاديث الصحيحة من قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "لا تفضلوني" (¬5)، وفي رواية: "لا تخيروني على الأنبياء"، وفي أخرى: "لا تخيروا بين الأنبياء" (¬6).
ولا ينافي تفضيل نبينا عليهم قوله في الحديث المتفق عليه: "من قال: أنا خيرٌ من يونس بن متى. . فقد كذب" (¬7)؛ وذلك لأن عدم التفرقة بينهم إنما هو في الإيمان بهم وبما جاؤوا به.
¬_________
(¬1) صحيح البخاري (4712) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وهو حديث طويل في ذكر شفاعته صلى اللَّه عليه وسلم.
(¬2) ذكره العلامة ابن عادل رحمه اللَّه تعالى في "اللباب في علوم الكتاب" (4/ 300) وعزاه للإمام البيهقي رحمه اللَّه تعالى في كتاب "معرفة الصحابة"، عن أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي اللَّه عنها، وذكره أيضًا العلامة العجلوني رحمه اللَّه في "كشف الخفاء" (1/ 203) وعزاه أيضًا للبيهقي.
(¬3) قوله: (وبيدي لواء الحمد) بالكسر والمد: علم الحمد، والعلم في العرصات: مقاماتٌ لأهل الخير والشر، نُصِبَ في كل مقامٍ لكل متبوع لواء يعرف به قدره، وأعلى تلك المقامات مقام الحمد، ولما كان صلى اللَّه عليه وسلم أعلى الخلائق. . أعُطي أعظم الألوية لواء الحمد؛ ليأوي إليه الأولون والآخرون، فهو حقيقي، ولا وجه لحمله على لواء الجمال والكمال. اهـ "مدابغي"
(¬4) سنن الترمذي (3148) عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.
(¬5) ذكره الإمام ابن كثير رحمه اللَّه تعالى في "تفسيره" (1/ 304)، وأخرج البخاري (3414)، ومسلم (2373) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه: "لا تفضلوا بين أنبياء اللَّه. . . ".
(¬6) أخرجه البخاري (2412)، ومسلم (2374/ 163) عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.
(¬7) أخرجه البخاري (4604)، والترمذي (3245) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.