ورُويا أيضًا أنه قيل له: يا رسول اللَّه؛ أيُّ الأديان أحبُّ إلى اللَّه؟ قال: "الحنيفية السمحة" (¬1).
وروى أحمد أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "يا أيها الناس؛ إن دين اللَّه يسرٌ" قالها ثلاثًا (¬2)، وأنه قال صلى اللَّه عليه وسلم: "خير دينكم أيسره" قاله ثلاثًا (¬3)، وأنه قال لمَّا نظرت عائشة رضي اللَّه عنها إلى لعب الحبشة: "لتعلم يهودُ أن في ديننا فسحةً، إني أُرسلت بحنيفية سمحة" (¬4).
وروى عبد الرزاق: "أحب الأديان إلى اللَّه الحنيفية السمحة" قيل: وما هي الحنيفية السمحة؟ قال: "الإسلام الواسع" (¬5).
وصح عن أُبيٍّ رضي اللَّه تعالى عنه: أقرأني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: (إن الدين عند اللَّه الحنيفية السمحة، لا اليهودية، ولا النصرانية) (¬6) وهذا مما نُسخ لفظه وبقي معناه؛ لحديث البخاري (¬7): "الدين يسر" (¬8) فلا أسمح من دينه صلى اللَّه عليه وسلم كما يفيد ذلك قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر}، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}، {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم} أي: كتعين قرض الجلد إذا أصابه بولٌ، وقتل النفس في التوبة، والقَوَد في القتل (¬9)، ولا تجزئ الدية، وكان من أذنب منهم. . أصبح ذنبه مكتوبًا على بابه، فيقام عليه حدُّه (¬10).
¬__________
(¬1) مسند الإمام أحمد (1/ 236)، والمعجم الكبير (11/ 227) عن سيدنا عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما.
(¬2) أخرجه أحمد (5/ 69)، وأبو يعلى في "مسنده" (6863) عن سيدنا عروة الفُقَيمي رضي اللَّه عنه.
(¬3) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (341)، والإمام أحمد (5/ 32) عن سيدنا محجن الأسلمي رضي اللَّه عنه.
(¬4) أخرجه أحمد (6/ 116) عن أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي اللَّه عنها.
(¬5) مصنف عبد الرزاق (238) عن محمد بن واسع رحمه اللَّه تعالى عن رجلٍ.
(¬6) أخرجه الحاكم (2/ 224)، والترمذي (3793)، وأحمد (5/ 131) عن سيدنا أبي بن كعب رضي اللَّه عنه.
(¬7) قوله: (لحديث البخاري) باللام في أكثر النسخ، وهو يتعلق بقوله: (بقي) على أنه علة له؛ أي: فبقي معناه لحديث البخاري: "الدين يسر" اهـ "مدابغي"
(¬8) أخرجه البخاري (39) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(¬9) القَوَد: القصاص؛ وهو: قتل القاتل بالمقتول.
(¬10) أخرج الإمام ابن جرير رحمه اللَّه تعالى في "تفسيره" (7849) عن سيدنا عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: =