كتاب التبيين عن مذاهب النحويين

بالجُملة، ولا يَنفي حقيقة الوَضع، ثمّ ما ذكرتُمُوه معارضُ بقوله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}، وبقوله: {كَلِمَةُ الَّذِيْنَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ هِيَ الْعُلْيَا}، و {تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} ومعلومُ أنه أَرَادَ بالكلمةِ المُفيدة. وإذا وَقَعَت الكلمةُ على الجُملةِ، جازَ أن يقعَ الكلامُ على المُفردِ.
فالجواب:
أمَّا الإطلاقُ فدليلُ الحقيقةِ؛ إذ كان المجازُ على خلافِ الأصلِ، وإنَّما يُصارُ إليه بقرينة صارفة عن الأصلِ، والأصلُ عدمُ القرائن، ثم إنّ البحثَ عن الكلامِ الدّال على الجملة المفيدةِ لا توجد له قرينة، بل يسارع إلى هذا المعنى من غيرِ توقُّفٍ على وجودِ قرينةٍ، وهذا مثلُ لفظِ العُموم إذا أُطلق حُمل على العُموم من غيرِ يَحتاج إلى قرينةٍ تصرفُهُ إليه، بل إن وُجِدَ تخصيص إلى قرينةٍ. أمَّا السُّؤال الثّاني، فلا يَصِحُّ على الوَجهين المَذكورين، أمَّا الاشتراكُ فعنه جوابان:
أحدهما: أنّه على خِلافِ الأصلِ؛ إذْ كان يُخِلّ بالتَّفاهُمِ، أَلا تَرى أنّه إذا أُطلق لَفظة (العين) لم يُفهم منه ما يَصحُّ بِناء الحُكم عليه، والكلامُ إنما وُضع للتَّفاهُمِ، وإنّما عَرَضَ الإِشتراك من اختلاف اللُّغات.

الصفحة 118