كتاب الزهد الكبير للبيهقي
207 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي فَلَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ»
208 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ، لَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
209 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ، لَا تَجِدُونَ فِيهَا -[119]- رَاحِلَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ حِكَايَةً عَنِ الْعُتَيْبِيِّ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِهَذَا أَنَّ النَّاسَ مُتَسَاوُونَ فِي النَّسَبِ , لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فَضْلٌ , وَلَكِنَّهُمْ أَشْبَاهٌ كَإِبِلٍ مِائَةٍ، لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَةٌ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَالَّذِي عِنْدِي فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ الدُّنْيَا، وَحَذَّرَ الْعِبَادَ سُوءَ مَغَبَّتِهَا، وَصَنَعَ لَهُمْ فِيهَا الْأَمْثَالَ لِيَعْتَبِرُوا، كَقَوْلِهِ {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ} [يونس: 24] وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْآيِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُهُمْ مَا حَذَّرَهُمُ اللَّهُ وَيُزَهِّدُهُمْ فِيهَا , فَقَالَ: «لَا يَجِدُونَ النَّاسَ بَعْدِي كَإِبِلٍ مِائَةٍ، لَيْسَ فِيهَا رَاحِلَةٌ» ، أَرَادَ أَنَّ الْكَامِلَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَالرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ قَلِيلٌ " وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَعْنَيَيْنِ , فَقَالَ: هَذَا يَتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّاسَ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ سَوَاءٌ، لَا فَضْلَ فِيهَا لِشَرِيفٍ وَلَا لِرَفِيعٍ مِنْهُمْ عَلَى وَضِيعٍ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ، لَا يَكُونُ فِيهَا رَاحِلَةٌ وَهِيَ الذَّلُولُ الَّتِي تُرْحَلُ وَتُرْكَبُ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ أَهْلُ نَقْصٍ وَجَهْلٍ، فَلَا تَسْتَكْثِرْ مِنْ صُحْبَتِهِمْ وَلَا تُؤَاخِ مِنْهُمْ إِلَّا أَهْلَ الْفَضْلِ , وَعَدَدُهُمْ قَلِيلٌ بِمَنْزِلَةِ الرَّاحِلَةِ فِي الْإِبِلِ الْحَمُولَةِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَكِنَّ أَكَثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 37] وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187] وَقَوْلُهُ {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111] ، وَتَرْجَمَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِبَابِ ذَمِّ النَّاسِ وَعِزِّهِمْ تَدُلُّ عَلَى الثَّانِي
الصفحة 118