كتاب كتاب الردة للواقدي
فَحَاصَرَ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حِصَارًا شَدِيدًا.
قَالَ: وَكَتَبَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ يَسْتَنْجِدُهُ عَلَى الأَشْعَثِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ مَا فِيهِ زِيَادٌ، سَارَ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَهُ وَهُمْ أَلْفُ فَارِسٍ مَعُونَةً لَهُمْ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الأَشْعَثَ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَتَنَحَّوْا عَنْ بَابِ تِرْيَمَ، وَأَقْبَلَ الْمُهَاجِرُ بْنُ أُمَيَّةَ فِي أَلْفِ فَارِسٍ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَصَارَ مَعَ زِيَادٍ، وَرَجَعَ الأَشْعَثُ وَجَلَسَ عَلَى الْبَابِ، وَأَرْسَلَ إِلَى جَمِيعِ قَبَائِلِ كِنْدَةَ، فَأَجَابَهُ الْجَبْرُ بْنُ قَشْعَمٍ [1] فِي قَوْمِهِ مِنْ بَنِي الأَرْقَمِ، وَأَجَابَهُ أَبُو قُرَّةَ الْكِنْدِيُّ فِي قَوْمِهِ مِنْ بَنِي حُجْرٍ، وَأَجابَهُ الْخَنْفَسِيسُ بْنُ عَمْرٍو فِي قَوْمِهِ مِنْ بَنِي هِنْدٍ.
قَالَ: فَاجْتَمَعَ إِلَى الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ قَبَائِلِ كِنْدَةَ، فَنَزَلَ بِهِمْ عَلَى بَابِ تِرْيَمَ، فَحَاصَرُوا زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ وَالْمُهَاجِرَ بْنَ أُمَيَّةَ وَمَنْ مَعَهُمَا حِصَارًا شَدِيدًا، وَضَيَّقُوا عَلَيْهِمَا.
قَالَ: وَكَتَبَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِتَابًا، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ [2] :
(مِنَ الْكَامِلِ)
1- أَخْبِرْ زِيَادًا إِنَّ كِنْدَةَ أَجْمَعَتْ ... طُرًّا عَلَيْكَ فَكَيْفَ ذَلِكَ تَصْنَعُ [3]
2- أَحْيَاءُ كِنْدَةَ قَدْ أَتَتْكَ بِجَمْعِهَا ... وَلَدَيْكَ مِنْهَا جِيرَةٌ لَوْ تَنْفَعُ
3- قَدْ صَيَّرَتْكَ إِلَى التَّحَصُّنِ صَاغِرًا ... حَتَّى كَتَبْتَ إِلَى عَتِيقٍ [4] تَضْرَعُ
4- فَاصْبِرْ وَلا تَجْزَعْ لِوَقْعِ سُيُوفِنَا ... إِنَّ الْكَرِيمَ إِذَا جَنَى لا يَجْزَعُ
قَالَ: فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُ زِيَادٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِخَبَرِ كندة وما
__________
[1] الجبر بن قشعم: هو جبر الكندي، وفد على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال: (أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة) (الإصابة 1/ 453) .
[2] جاء البيت الأول فقط في كتاب الفتوح 1/ 55.
[3] في الأصل: (تصنعوا) .
في كتاب الفتوح: (أبلغ زيادا) .
[4] عتيق: لقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
الصفحة 190