كتاب كتاب الردة للواقدي
2- وَيَقُولُ لِلصِّدِّيقِ عِنْدَ لِقَائِهِ ... وَالدَّمْعُ يَهْمِلُ كَالْبَدِيِّ الْجَارِي [1]
3- إِنَّا حُصِرْنَا فِي تِرْيَمَ كَأَنَّنَا ... نَحْنُ النُّكُوصُ بِهَا عَلَى الأَدْبَارِ
4- حَشَدَتْ لَنَا أَمْلاكُ كِنْدَةَ وَاعْتَدَتْ ... بِالْمُرْهِفَاتِ وَبِالْقَنَا الْخُطَّارِ
5- فَامْنَعْهُمُ بِمُهَاجِرِينَ فَوَارِسٍ ... فُرْسَانِ صِدْقٍ مِنْ بَنِي نَجَّارِ
6- وَبِكُلِّ قَرْنٍ فِي الْهَيَاجِ مُهَذَّبٍ ... يَسْمُو بِعَضْبٍ صَارِمٍ بَتَّارِ
قَالَ: فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَرَأَهُ، نَادَى فِي الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ: (أَشِيرُوا عَلَيَّ مَا الَّذِي أَصْنَعُ فِي أَمْرِ كِنْدَةَ) . قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: اسْمَعْ مَا أُشِيرُ بِهِ عَلَيْكَ، إِنَّ الْقَوْمَ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ، وَفِيهِمْ نَخْوَةُ الْمُلْكِ وَمَنْعَةٌ، وَإِذَا هَمُّوا بِالْجَمْعِ جَمَعُوا خَلْقًا كَثِيرًا، فَلَوْ صَرَفْتَ عَنْهُمُ الْخَيْلَ فِي عَامِكَ هَذَا، وَصَفَحْتَ عَنْ أَمْوَالِهِمْ لَرَجَوْتَ أَنْ يُنِيبُوا إِلَى الْحَقِّ، وَأَنْ يَحْمِلُوا الزَّكَاةَ إِلَيْكَ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ، فَذَاكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُحَارَبَتِكَ إِيَّاهُمْ، فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُمْ فَوَارِسُ أَبْطَالٌ لا يَقُومُ لَهُمْ إِلا نُظَرَاؤُهُمْ مِنَ الرِّجَالِ) . قَالَ: فَتَبَسَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ، ثُمَّ قَالَ: (وَاللَّهِ يَا أَبَا أَيُّوبَ، لَوْ مَنَعُونِي عِقَالا وَاحِدًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَيْهِمْ لَقَاتَلْتُهُمْ أَبَدًا، أَوْ يُنِيبُوا إِلَى الْحَقِّ) . قَالَ: فَسَكَتَ أَبُو أَيُّوبَ.
وَأَنْشَأَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ يَقُولُ [2] :
(مِنَ الْكَامِلِ)
1- لَمَّا أَبُو أَيُّوبَ قَامَ بِخُطْبَةٍ ... يَنْهَى أَبَا بكر وقال مقالا
__________
[1] البدى: الرّكي وهي الآبار، قيل: كل ما كان في الجاهلية من الركي ينسب عاديا، وأما ما حفر منذ كان الإسلام محدثا في جديد الأرض فإنه إسلامي، واحدته البديّ، وجماعته البديان: واد لبني عامر بنجد، والبدي أيضا: قرية من قرى حجر بين الزرائب والحوضي، قال امرؤ القيس:
أصاب قطاتين فسال لواهما ... فوادي البدي فانتمى لأريض
(معجم البلدان: البدي)
[2] الأبيات مما أخل بها ديوان حسان وتفرد بها هذا الكتاب.
الصفحة 196