كتاب كتاب الردة للواقدي
وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ لِحَرْبٍ أَهْلٌ لِمَا أُهِّلَ لَهُ) ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
(هَذَا رَأْيٌ) .
قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِتَابًا إِلَى عِكْرِمَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ:
(أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَكَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَقَبَائِلِ كندة، وقد [1] أتاني كتاب زياد بْنِ لَبِيدٍ، يَذْكُرُ أَنَّ قَبَائِلَ كِنْدَةَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ، وَقَدْ حَصَرُوهُمْ فِي مَدِينَةِ تِرْيَمَ بِحَضْرَمَوْتَ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَسِرْ إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ فِي جَمِيعِ أصحابك ومن أجابك من أهل مكة، واسمه لَهُ وَأَطِعْ، فَإِنَّهُ الأَمِيرُ عَلَيْكَ، وَانْظُرْ لا تَمُرَّنَّ بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ إِلا اسْتَنْهَضْتَهُمْ فَأَخْرَجْتَهُمْ مَعَكَ إِلَى مُحَارَبَةِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَأَصْحَابِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالسَّلامُ) .
قَالَ: فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ إِلَى عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَقَرَأَهُ، نَادَى فِي أَصْحَابِهِ وَمَنْ أَجَابَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَخَرَجَ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَوَالِيهِمْ وَأَحْلافِهِمْ، وَسَارَ عِكْرِمَةُ حَتَّى صَارَ إِلَى نَجْرَانَ [2] ، وَبِهَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ [3] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي بَنِي عَمِّهِ مِنْ بَجِيلَةَ، فَدَعَاهُ عِكْرِمَةُ إِلَى حَرْبِ الأَشْعَثِ، فَأَبَى عَلَيْهِ جَرِيرٌ، وَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ، فَسَارَ عِكْرِمَةُ حَتَّى صَارَ إِلَى صَنْعَاءَ [4] فَاسْتَنْهَضَ
__________
[1] في الأصل: (وقال) .
[2] نجران: نجران في مخاليف اليمن من ناحية مكة، قالوا: سمي بنجران بن زيدان بن سبأ لأنه كان أول من عمرها ونزلها. (ياقوت: نجران) .
[3] جرير بن عبد الله البجلي الصحابي، قال: جئت إلى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لأسلم، فقال له: ما جاء بك، قلت: جئت لأسلم، فألقى إلي كساءه وقال: (إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه) ، ثم قدم المدينة وحارب قريشا وغيرهم وفتح مكة، كان جرير جميلا، قال عمر: هو يوسف هذه الأمة، وقدمه عمر في حروب العراق على جميع بجيلة، وكان لهم أثر عظيم في فتح القادسية، وسكن جرير الكوفة، وأرسله علي رسولا إلى معاوية، ثم اعتزل الفريقين وسكن قرقيسيا، ومات سنة 51 هـ- وقيل 54 هـ-.
(الإصابة 1/ 475- 476، أسد الغابة 1/ 332، الاستيعاب 1/ 236) .
[4] صنعاء: قصبة اليمن وأحسن بلادها، تشبّه بدمشق لكثرة فواكهها وتدفق مياهها، قيل:
الصفحة 198