كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

٣ - معرفته بكيفية النظر بأن يعرف شرائط البراهين والحدود، وكيف تركب المقدمات ويستنتج المطلوب، ليكون على بصيرة في اجتهاده (١). وعد أبو حامد الغزالي (ت ٥٠٥هـ) ذلك أحد علوم أربعة تعرف بها طرق الاستثمار (٢)، وقد تابعه كثيرون ممن جاء بعده، كما ذكرنا.
ولا يشترط في المجتهد أن يحفظ الفروع، لأنها ثمرة الاجتهاد، فلا يصح أن تكون متقدمة عليه (٣). وما ذهب إليه بعض الأصوليين من اشتراط ذلك (٤)، أو اشترط أكثرها أو أشهرها (٥)، فإنه مرجوح للسبب الذي ذكرناه. ولم يستبعد أبو حامد الغزالي إمكان الاجتهاد من دونها، ولكنها – في رأيه- ذات فائدة للفقيه في زمانه، من حيث إنها تولد الدربة لديه على استنباط أحكام المسائل المطروحة عليه (٦).
ولا يشترط أن يعرف المنطق ولا علم الكلام على الراجح من أقوال العلماء (٧). ولا حاجة إلى إلزامه بعلم بعد ذلك، إلا إذا كان اجتهاده يتوقف على معرفته، كحاجة من يجتهد في مسألة من مسائل الفرائض إلى الحساب.
ج- معرفته بمقاصد الشريعة. وهذا الشرط مما ذكره الشاطبي في
---------------
(١) = ٣/ ٢٥٥، ونهاية السول بحاشية سلم الوصول ٤/ ٥٥١ وإرشاد الفحول ص ٢٥٢.
() المحصول ٢/ ٤٩٨، والإبهاج في الموضع السابق، ونهاية السول في الموضع السابق.
(٢) المستصفى ٢/ ٣٥١.
(٣) المصدر السابق، والبحر المحيط ٦/ ٢٠٥.
(٤) كأبي إسحاق وأبي منصور (البحر المحيط ٦/ ٢٠٥، وإرشاد الفحول ص ٢٥٢).
(٥) البحر المحيط في الموضع السابق، وشرح الكوكب المنير ٤/ ٤٦٧.
(٦) المستصفى ٢/ ٣٥٣. ونذكر هنا أن حنبل روى عن الإمام أحمد- رحمه الله- قوله (ينبغي لمن أفتاه أن يكون عالماً بقول من تقدم، وإلا فلا يفتي) العدة ٥/ ١٥٩٥.
انظر أيضاً ميزان الأصول للسمرقندي ص ٧٥٢.
(٧) شرح مختصر الروضة ٣/ ٥٨٣، ٥٨٤، وتيسير الاجتهاد ص ٤١.

الصفحة 334