كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

في مجتهد المذهب، أو المخرج، بدرجة اقل من المجتهد المطلق، وأن من شروطه التزامه بقواعد وفقه إمامه، فإننا نجد أن ابن الصلاح قال عنه إنه لا يعري عن ثوب التقليد، وذلك لطائفة من الأسباب، منها:
١ - إخلاله ببعض العلوم والأدوات المعتبرة في المجتهد المستقل، مثل أن يخل بعلم الحديث، أو بعلم العربية. ولعله يقصد عدم التبحر في ذلك، وإلا فإنه لا يكون أهلاً للتخريج، إن لم يعرف اللغة أو الحديث.
٢ - إنه يتلقى حكم الإمام المدلل عليه، ويكتفي بدليل الإمام، دون أن يبحث عن ذلك. وهل لهذا الدليل من معارض أو لا؟
٣ - إنه لا يستوفي شروط النظر بصفة تامة، كما هو الشأن في المجتهد المستقل (١).
إن صفات هؤلاء العلماء التي ذكرها ابن الصلاح، جعلت بعض العملاء يترددون في عدهم من المجتهدين، وإننا نجد أن بعض الأصوليين كأبي الحسين البصري وآخرين، منعوا إفتاء مثل هذا بمذهب غيره من المجتهدين، بحجة أنه يسأل عما عنده، وهذا يجيب عما عند غيره (وأنه لو جازت الفتوى بطريق الحكاية عن مذهب الغير لجاز ذلك للعامي، وهو مخالف للإجماع) (٢).
لكن طائفة من العلماء تخالف هذا الرأي. وقد أجاب ابن برهان عن اعتراض بهذا الشأن، مفاده أن المخرجين على هذا المذهب مجتهدون أو لا؟ (فإن كانوا مجتهدين، فلا يجوز لهم متابعة أحد، وإن كانوا مقلدين فما يؤمننا
---------------
(١) أدب المفتي والمستفتي ص ٩٦ وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص ١٩، وقد ذكر ابن الصلاح في أدب المفتي، وتابعه ابن حمدان في صفة الفتوى: أن مثل هذا المجتهد المقيد، قد يستقل بالاجتهاد والفتوى في مسألة خاصة، أو باب خاص. (انظر المصدرين السابقين، وانظر الرد على من أخلد إلى الأرض ص ١١٥).
(٢) المعتمد في أصول الفقه ٢/ ٩٣٢ والإحكام للآمدي ٤/ ٢٣٦.

الصفحة 336