كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

ومثل ذلك ما حكاه أبو الحسن الكرخي (١) عن أبي يوسف أيضاً أنه قال في قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} (٢): أنه لا دلالة فيه على أنها إذا لم تشهد لا يدرأ عنها العذاب (٣). بل ذكروا عن محمد – رحمه الله – تخريجاً، أنه لا حجة فيه حتى في كلام الناس. أخذوه من قوله في السير الكبير (إذا حاصر المسلمون حصناً من حصون المشركين، فقال رجل من أهل الحصن أمنوني على أن أنزل غليكم على أن أدلكم على مائة رأس من السبي في قرية (كذا)، فأمنه المسلمون على ذلك فنزل فلم يخبر بشيء فنه يرد إلى مأمنه، لأنه لم يقل إن لم أدلكم فلا أمان لي) (٤).
قال الجصاص (٥): (وهذا يدل من مذهبه دلالة واضحة على أن التخصيص
---------------
(١) هو: أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال الكرخي الحنفي. انتهت إليه رياسة العلم في أصحاب أبي حنيفة. درس في بغداد وتفقه عليه كثيرون. وكانت له اختيارات في الأصول، وعده ابن كمال باشا في طبقة المجتهدين في المسائل. كان كثير الصوم والصلاة صبوراً على الفقر. أصيب آخر عمره بالفالج، وكانت وفاته ببغداد سنة ٣٤٠هز
من مؤلفاته: شرح الجامع الكبير وشرح الجامع الصغير في فروع الفقه الحنفي، ومسألة في الأشربة وتحليل نبيذ التمر، ورسالة في أصول الفقه.
راجع في ترجمته: الجواهر المضية ٢/ ٤٩٣، والفهرست لابن النديم ص ٢٩٣ وطبقات الفقهاء للشيرازي ص ١٢٤، وشذرات الذهب ٢م٣٥٨، والفتح المبين ١/ ١٨٦، ومعجم المؤلفين ٦/ ٢٣٩، والأعلام ٤/ ١٩٣، وتاج التراجم ص ٣٩.
(٢) سورة النور: آية/٨.
(٣) الفصول في الأصول لأبي بكر الرازي الجصاص ١/ ٢٩١ و٢٩٢.
(٤) المصدر السابق: ١/ ٢٩٢.
(٥) هو: أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي المعروف بالجصاص. من الفقهاء المجتهدين. ورد إلى بغداد شاباً. ودرس وجمع وتفقه على أبي الحسن الكرخي، وأبي سهل الزجاجي، وتخرج به المتفقهة، وكان على جانب كبير من الزهد والورع. توفى في بغداد سنة ٣٧٠هـ.
من مؤلفاته: الفصول في الأصول، وشرح الجامع الكبير لمحمد بن الحسن وشرح مختصر الطحاوي، وأحكام القرآن وغيرها.
راجع ترجمته في: الفهرست ص ٢٩٣، والجواهر المضيئة ١/ ٢٢٠ن ومفتاح السعادة ٢/ ٥٢، وطبقات الفقهاء للشيرازي ص ١٤٤، والأعلام ١/ ١٧١، ومعجم المؤلفين ٢/ ٧.

الصفحة 34