كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

والسنن (١).
وإذا نظرنا إلى واقع ما هو موجود في كتب الفقه، من جميع المذاهب، رأينا أن هذه الكتب مملوءة، بأمثال تلك المسائل، بل إن فيها من المسائل ما هو نادر الوقوع، أو مستحيله (٢)، وما هو مستأهل للإلغاء والحذف (٣). وما روي عن أبي حنيفة- رحمه الله- وغيره من العلماء، من قولهم، في تبرير
---------------
(١) = ومختصر القول المؤمل في الرد إلى الأمر الأول لأبي شامة المقدسي ص ٣٧.
() انظر طائفة منها في المصادر المذكورة في الهامش السابق.
(٢) ما لا يجوز الاختلاف فيه بين المسلمين للشيخ عبد الجليل عيسى ص ٩٠، وانظر الأشباه والنظائر لجلال الدين السيوطي من ص ٢٧٩ - ٢٨٥، (القول في أحكام الجان) وما ذكره من فروع فقهية، بشأن ذلك، كحكم زواج الإنسي من الجنية، وهل له، على القول بالجواز، أن يجبرها على ملازمة المسكن أو لا؟ وهل له منعها من التشكل في غير صورة الآدميين، عند القدرة عليه، أو لا؟ وعن غير ذلك من الأحكام.
وانظر، من جملة هذه الأحكام، امتداح السيوطي لمن خرج حكماً بمنع زواج الأنسي من الجنية، قياساً على منع نكاح الحر للأمة، وذلك (لما يحصل للولد من الضرر بالإرقاق، ولا شك أن الضرر بكونه من جنية، وفيه شائبة من الجن، خلقاً وخلقاً، وله بهم اتصال ومخالطة، أشد من ضرر الإرقاق الذي هو مرجو الزوال، بكثير، فإذا منع من نكاح الأمة مع اتحاد في الجنس، للاختلاف في النوع، فلأن يمنع من نكاح ما ليس من الجنس من باب أولى).
وعلق السيوطي على ذلك بقوله: وهذا تخريج قوي لم أر من تنبه له .. وانظر ما قالوه عن صلاتهم، وهل تنعقد الجماعة بالجن، وهل تجوز الصلاة خلف الجني؟ وهل إذا مر الجني، بين يدي المصلي، تقطع صلاته؟ وما شابه ذلك من الفروع. ومن الغريب أن ابن نجيم عندما نقل في الأشباه والنظائر ما قاله السيوطي، ذكر أيضاً نقلاً عن السراجية أن الحسن البصري حينما سئل عن ذلك، قالك يصفع السائل لحماقته، وذكر أنه جاء في يتيمة الدهر في فتاوى أهل العصر، أنه سئل علي بن أحمد عن التزويج بامرأة مسلمة من الجن هل يجوز، إذا تصور ذلك أم يختص بالآدميين؟ فقال: يصفع هذا السائل لحماقته وجهله. نقول: إن ابن نجيم علق على ذلك، وقال بأنه لا يدل على حماقة السائل ولو كان لا يتصور.!
انظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣٢٧.
(٣) مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ص ٨٠ وانظر فيه ما يتعلق بالأحق بالإمامة، مما لا يليق ذكره.

الصفحة 340