كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

الفصل الثالث
أنواع الأحكام المخرجة وصفاتها
لم يجعل أكثر العلماء الأحكام المخرجة على مرتبة واحدة، بل نوعوها تبعا لكيفية التخريج، وأطلقوا على كل منها اسماً خاصاً به كالرواية والتنبيه والقول والوجه والطريق. وفيما يأتي بيان لما يندرج تحت كل مصطلح من هذه المصطلحات.
أولاً: الرواية والروايتان والروايات:
الرواية هي نص الإمام نفسه على الحكم في المسألة، وهذه التسمية والنسبة، على ما يبدو عامة في المذاهب كلها (١) باستثناء ما نقل عن بعض علماء الحنابلة من تجويز أن تكون الرواية تخريجاً من الأصحاب (٢) وأما إذا ذكر أكثر من ذلك بأن قيل (روايتان) أو روايات، فإن المحققين من علماء الحنفية وغيرهم لا يرون نسبتها جميعاً إلى الإمام. ويذكر ابن عابدين، مع ذلك، أن هذه النسبة قد وقعت في مسائل لا تحصى، وقال: (ونراهم يرجحون إحدى الروايتين على الأخرى وينسبونها إليه) (٣).
ويرى ابن أمير الحاج (ت ٨٧٩هـ) (٤) أن الاختلاف في الروايتين إنما
---------------
(١) لاحظ المجموع ١/ ٦٥ مسلم الثبوت بشرح فواتح الرحموت ٢/ ٣٩٤.
(٢) الإنصاف ١٢/ ٢٦٦.
(٣) شرح عقود رسم المفتي ١/ ٢٣ من مجموعة رسائل ابن عابدين.
(٤) هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحسن المعروف بابن أمير الحاج الحلبي والملقب بشمس الدين، وابن الموقت من فقهاء وأصوليي الحنفية، كان من تلاميذ كمال الدين بن الهمام البارزين، اشتهر بحلب وذاع صيته، وكان من رؤوس علماء الحنفية، الذين أخذ عنهم الأكابر، وافتخروا بالانتساب إليهم. توفي في حلب سنة ٨٧٩هـ. =

الصفحة 345