كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

المحظورات، والحاجة تنزل منزلة الضرورة. أو ما شابه ذلك من التخريجات، وإزاء أولئك وقف جمهور العلماء يرفضون مثل هذه التسويغات، ويعلنون حرمة هذه الفوائد، وأن هذه المعاملات ربوية، وإن اكتست بجلباب جديد، ولا يصح القول بأنها عقد جديد مستحدث، وللناس أن يحدثوا من العقود ما يرون فيه مصلحة أو حاجة. إذ معنى الربا متحقق فيها وعلته قائمة. وأن استقصاء ذلك يحتاج إلى كتاب منفرد (١).
ب- ومن ذلك مسألة التأمين التجاري أو التأمين بقسط ثابت، وهو من العقود الجديدة التي لم تكن موجودة قبل القرن الرابع عشر الميلادي، ولهذا فإن لم يرد بشأنه شيء في الفقه الإسلامي، مثل ما ورد عن ابن عابدين (ت ١٢٥٢هـ) في كتاب رد المحتار بشأن التأمين البحري، وتحريمه للسوكرتاه، أو التأمين الذي تجريه الشركات فيه (٢). وقد اختلفت تكييفات وتخريجات العلماء المعاصرين لهذه النازلة، فاختلفت بالتبعية أحكامهم
---------------
(١) انظر في ذلك: المعاملات المالية المعاصرة، في ضوء الشريعة الإسلامية للدكتور/ علي أحمد السالوس ص ٦٧ وما بعدها، وص ٩١ وما بعدها، والودائع المصرفية النقدية واستثمارها في الإسلام للدكتور/ حسن عبد الله الأمين ص ٢٨٨ وما بعدها، الفتاوى للشيخ محمود شلتوت ص ٣٥١ وما بعدها، الاجتهاد للدكتور/ عبد المنعم النمر ص ٢٥٤ وما بعدها، وفوائد البنوك هي الربا المحرم للدكتور/ يوسف القرضاوي، ودراسات في الاقتصاد الإسلامي والمعاملات المعاصرة للدكتور علي حسن عبد القادر ص ٥٠ وما بعدها، وتطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية للدكتور سامي حسن أحمد حمود ص ٢٠٦ وما بعدها وغير ذلك من الكتب الكثيرة التي تناولت موضوع الربا بوجه عام، وهذه المسألة بوجه خاص.
(٢) ذكر ابن عابدين في حاشيته رد المحتار مسألة التأمين، وبما مثل به يتضح أنه أراد التأمين البحري وأفتى بحرمة أخذ التاجر بدل الهالك من ماله، وخرجه على أنه التزام ما لا يلزم، ومنع من تخريجها على تضمين المودع الوديعة إذا أخذ أجراً عليها، لوجود الفارق بينهما؛ لأن المال ليس في يد صاحب السوكره، بل في يد صاحب المركب، وإذا كان صاحب السوكره هو صاحب المركب يكون أجيراً مشتركاً، قد أخذ أجره على الحفظ وعلى الحمل، وكل من المودع والأجير المشترك لا يضمن ما لا يمكنه الاحتراز عنه، كالموت، الغرق. رد المحتار شرح الدر المختار ٤/ ١٧٠.

الصفحة 355