كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

أما المجيزون للتأمين التجاري، فقد اختلفوا في تخريجه، واضطربت أقوالهم فيه، وسنكتفي بذكر أهم هذه الأوجه التخريجية.
١ - فمنهم من خرجه على أنه من التعاون المحبب، وأنه محقق لمساندة الإنسان لغيره، ومساندة الغير له، في تحمل الكوارث والصعاب، وهو داخل في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (١) (المائدة / ٢).
٢ - ومنهم من خرجه على أنه نوع من التبرعات، وليس من البيوع، فلا ينطبق عليه ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من بيوع الغرر (٢).
٣ - ومنهم من خرجه على قاعدة أن الأصل في العقود الإباحة وأن التأمين عقد جديد، وأن الشارع لم يحصر الناس في الأنواع المعروفة من العقود، بل لهم أن يبتكروا أنواعاً جديدة تدعوهم حاجة الأمة إليها (٣) وللشيخ علي الخفيف توجيه مقارب لهذا (٤)، وقد أضاف إلى ذلك أنه لا ضرر فيه، وأنه محقق للفائدة، وأنه لا يوجد نص يمنع منه.
٤ - ومنهم من خرج ذلك بالقياس على عقد المضاربة في الشريعة الإسلامية،
---------------
(١) التأمين في الشريعة والقانون للدكتور غريب الجمال ص ٧٣ طبعة دار الشروق/ جدة/ ١٩٧٧م، وممن خرجه على أنه من ضروب التعاون د/ محمد يوسف موسى. انظر ص ٢٠٣ من المصدر المذكور.
وانظر: نظرية التأمين في الفقه الإسلامي للدكتور محمد زكي السيد ص ١٢٦ وما بعدها.
(٢) المصدر السابق ص ٧٧، وممن خرجه على ذلك محمد بن الحسن الحجوي في كتابه الفكر السامي ٢/ ٥٠٤ وما بعدها، وقد أجهد نفسه في التفريق بين هذه المعاملة والبيع، وأكد أنها نوع من التبرعات، وكأنها جمعية خيرية لإعانة المنكوبين! ولم يفته أن يوبخ العلماء الرافضين لذلك، وأن يتهمهم- باطلاً- بالجبن.
(٣) المصدر السابق. وهذا أحد الوجوه التي خرج بها الشيخ الزرقا جواز عقد التأمين، في بحثه: التأمين وموقف الشريعة الإسلامية منه.
وانظر هذا الاستدلال ومناقشته في كتاب (نظرية التأمين في الفقه الإسلامي) ص ١٢٣ وما بعدها.
(٤) التأمين في الشريعة الإسلامية للدكتور غريب الجمال ص ١١١.

الصفحة 357