كتاب التخريج عند الفقهاء والأصوليين

من الفروع الفقهية، وفي الفروع الفقهية من حيث انبناؤها على تلك الأصول.
وههنا أمر جدير بالنظر والتأمل، وهو أن كثيراً من هذه الكتب لم تتناول ما يتعلق بالتخريج على أقوال الأئمة، وشروط المخرج وما يصح أن ينسب إلى الإمام وما لا يصح أن ينسب إليه، مع أن هذه الموضوعات قد وردت في مباحث الاجتهاد في أكثر كتب الأصول. وإذن فموضوع التخريج يتناول الأدلة والقواعد الأصولية، ومن ضمنها قواعد النحو واللغة، كما يتناول الأحكام الفقهية، وصفات المخرج، والشروط التي لابد من تحققها في بناء الفروع على الأصول، وهو أمر أضفناه على ما ورد من الموضوعات المبحوثة في كتب التخريج، لأن أغلب هذه الكتب قصرت كلامها على ما هو من قبيل الاستنباط للأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية، الذي هو شأن المجتهد المطلق، ولم يتناول القسم الآخر الذي اصطلح على تسميته بالتخريج، متميزاً بهذا الاطلاق على الاستنباط من الأدلة الشرعية.
وهنا أمر آخر ينبغي التنبيه إليه أيضاً، وهو أن التخريج أساساً إنما نشأ نتيجة الخلافات المذهبية، ورغبة علماء كل مذهب في الدفاع عن آراء أئمتهم، ورد استنباطاتهم الفقهية إلى أصول معينة، أو أصول مستنبطة ومخرجة من مجموعة من الفروع الفقهية، ثم الدفاع عن تلك الأصول، لتسلم لهم قوة الفروع بقوة الأصول. ولهذا فإنه من الممكن أن يقال: إن علم التخريج هذا من ثمرات علم الخلاف والجدل، أو على تقدير آخر إنه على صلة وثيقة به، وعلى هذا فإن بحث هذا العلم في الفروع والأصول إنما هو في نطاق ما وقع الخلاف فيه بين علماء المذاهب، أو بين علماء المذهب الواحد نفسه.
ويتضح مما قدمناه أن موضوع علم تخريج الفروع على الأصول متعدد، ومسألة تعدد موضوع العلم الواحد قضية فيها جدل بين أهل الاختصاص. وقد رجح كثير من المحققين جواز ذلك، إذا كان هناك نوع تناسب بين الأمور المتعددة (١).
---------------
(١) صدر الشريعة: التوضيح ١/ ٢٢.

الصفحة 53