كتاب فضائل القرآن وتلاوته للرازي

رَبِّكُمْ} [الأعراف: 3]، وقَالَ عزَّ وجلَّ: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه: 123]، أي: فلا يضل فِي الدُّنْيَا عن طريق الحق ولا يشقى فِي الآخرة فِي النار، وقَالَ سبحانه: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وقَالَ جلَّ جلاله: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
فالاعتصام بِهِ ما مضى من التمسك بالقرآن واتباعه: العمل بما فِيهِ، وتدبره: التفكر فيما أريد بِهِ، والتذكر: الاتعاظ بما فِيهِ، فلما طولبو بما ذكرنا لزم حفظه عَلَى الأعيان إمَّا وجوبا، وإمَّا ندبا إلا عَن عجز ظاهر، وذَلِكَ لأن المخاطبين بِهِ هُمُ العرب الأمة الأمية، والمنزل عَلَيْهِ هُوَ النَّبِيّ الأمي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فدل ذَلِكَ عَلَى أن المراد بِهِ الحفظ إذ الأمي إذا طولب باتباع ما لا يحفظه والاعتصام بِهِ وتدبره وتذكره، وسيما ما طال من الكلام واخْتَلَف من الأحكام، فقد كلف ما لم يطقه، فالله عزَّ وجلَّ

الصفحة 47