كتاب جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين - عبد القيوم السندي

المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلاً بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر 1".
مفهوم جمع القرآن:
جمع القرآن يعني أمرين اثنين،وهما:
أ-حفظه واستظهاره في الصدور2:
فقد حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم كل ما نزل عليه من الوحي في صدره الشريف، وليس أدل على ذلك من قوله تعالى {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (الأعلى: 6) ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعارض جبريل بالقرآن في كل عام مرة، وفي العام الذي انتقل فيه إلى رفيقه الأعلى عارضه مرتين.
كما ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره عن عائشة عن فاطمة رضي الله عنهما أنها قالت: أسَرَّ إليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ جبريلَ كانَ يعارضُنِي بالقرآنِ كلَّ سنةٍ وأنهُ عارضَنِي العامَ مرَّتينِ ولا أراهُ إلا حضَرَ أجَلِي 3".
وفي ذلك يقول الإمام أبو عمرو الداني4:
__________
1النبأ العظيم ص: 12-13.
2ومنه قول عثمان رضي الله عنه: ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي حفظته، تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص:162.
3 البخاري، فضائل القرآن: 6/101، المناقب، رقم:3353ن مسلم، فضائل الصحابة رقم: 2450، أبو داود رقم:5217، مسند أحمد، رقم: 25209، وراجع فضائل القرآن لأبي الفضل الرازي، ص: 51، البرهان للزركشي:1/232،لطائف الإشارات للقسطلاني: 1/23.
4 عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو عمرو الداني، القرطبي، علم من أعلام القراء، ثقة حجة في القراءات وعلومها، ولد بدانية من بلاد الأندلس في: 371هـ، له أكثر من مائة مؤلف، أشهرها التيسير في القراءات السبع الذي نظمه الشاطبي في اللامية، توفي بدانية في 444هـ، معرفة القراء الكبار: 1/406، غاية النهاية: 1/503.

الصفحة 9