كتاب جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين - فهد الرومي

أ - حفظه واستظهاره في الصدور1:
فقد حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم كل ما نزل عليه من الوحي في صدره الشريف، وليس أدل على ذلك من قوله تعالى {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (الأعلى: 6) ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعارض جبريل بالقرآن في كل عام مرة، وفي العام الذي انتقل فيه إلى رفيقه الأعلى عارضه مرتين.
كما ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره عن عائشة عن فاطمة رضي الله عنهما أنها قالت: أسَرَّ إليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ جبريلَ كانَ يعارضُنِي بالقرآنِ كلَّ سنةٍ وأنهُ عارضَنِي العامَ مرَّتينِ ولا أراهُ إلا حضَرَ أجَلِي 2".
وفي ذلك يقول الإمام أبو عمرو الداني3:
وكان يعرض على جبريل ... في كل عام جملة التنزيل
فكان يقريه في كل عرضة ... بواحد من الحروف السبعة
حتى إذا كان بقرب الحين ... عرضه عليه مرتين4
كما حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب جم غفير من الصحابة، منهم الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وكذلك أبي بن كعب، وعبد الله ابن مسعود، وزيد بن ثابت وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم وهم الذين دارت أسانيد قراءات الأئمة العشرة عليهم5.
__________
1ومنه قول عثمان رضي الله عنه: ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي حفظته، تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص:162.
2 البخاري، فضائل القرآن: 6/101، المناقب، رقم:3353ن مسلم، فضائل الصحابة رقم: 2450، أبو داود رقم:5217، مسند أحمد، رقم: 25209، وراجع فضائل القرآن لأبي الفضل الرازي، ص: 51، البرهان للزركشي:1/232،لطائف الإشارات للقسطلاني: 1/23.
3 عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو عمرو الداني، القرطبي، علم من أعلام القراء، ثقة حجة في القراءات وعلومها، ولد بدانية من بلاد الأندلس في: 371هـ، له أكثر من مائة مؤلف، أشهرها التيسير في القراءات السبع الذي نظمه الشاطبي في اللامية، توفي بدانية في 444هـ، معرفة القراء الكبار: 1/406، غاية النهاية: 1/503.
4 الأرجوزة المنبهة، البيت رقم: 70-72، ص:87.
5 انظر: الوجيز للقرطبي ص: 177، النشر: 1/6، الإتقان:1/222، مناهل العرفان:1/242.

الصفحة 7