كتاب المدارس النحوية

الاستقصاء الدقيق للعبارات والتراكيب الفصيحة, ومن المعرفة التامة بخواصها وأوضاعها الإعرابية.
2- صنيع أبي الأسود 1 الدؤلي وتلاميذه:
لما كانت العلوم في الأمم لا تظهر فجأة، بل تأخذ في الظهور رويدا رويدا حتى تستوي على سوقها، كان ذلك مدعاة في كثير من الأمر لأن تغمض نشأة بعض العلوم, وأن يختلط على الناس واضعوها المبكرون. وهذا نفسه ما حدث فيمن نسبت إليهم الخطوات الأولى في وضع النحو العربي، وفي ذلك يقول السيرافي: اختلف الناس في أول من رسم النحو، فقال قائلون: أبو الأسود الدؤلي، وقيل: هو نصر2 بن عاصم، وقيل: بل هو عبد الرحمن3 بن هرمز، وأكثر الناس على أنه أبو الأسود الدؤلي4.
وتضطرب الروايات في وضع أبي الأسود للنحو، فمنها ما يجعل ذلك من عمله وحده، ومنها ما يصعد به إلى علي بن أبي طالب، إذ يروون عن أبي الأسود نفسه أنه دخل عليه وهو بالعراق, فرآه مطرقا مفكرا، فسأله فيم يفكر؟ فقال له: سمعت ببلدكم لحنا، فأردت أن أصنع كتابا في أصول العربية، وأتاه بعد أيام فألقى إليه
__________
1 انظر في ترجمة أبي الأسود المتوفى سنة 69 للهجرة الشعر والشعراء لابن قتيبة "طبع دار المعارف" ص707, ومراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي "طبع مكتبة نهضة مصر" ص6, وأخبار النحويين البصريين للسيرافي "طبع بيروت" ص13, وطبقات النحويين واللغويين للزبيدي "طبعة الخانجي" ص13, وأسد الغابة 3/ 69, والإصابة 2/ 232, والأغاني "طبع دار الكتب المصرية" 12/ 297, ونزهة الألباء لابن الأنباري "طبع دار نهضة مصر بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم" ص6, ومعجم الأدباء "طبعة فريد رفاعي" 12/ 34, وإنباه الرواة للقفطي "طبعة دار الكتب المصرية" 1/ 13 وما به من مراجع.
2 انظر في ترجمة نصر المتوفى سنة 89 الزبيدي ص21, والسيرافي ص20, وابن الأنباري ص14, وأبا الطيب اللغوي ص13, ومعجم الأدباء 19/ 224, والقفطي 3/ 343, وما به من مراجع.
3 راجع في ترجمة ابن هرمز المتوفى بالإسكندرية سنة 117 طبقات ابن سعد 5/ 209, والزبيدي ص19, والسيرافي ص21, وابن الأنباري ص15, وإنباه الرواة للقفطي 2/ 172 وما به من مراجع.
4 السيرافي ص13.

الصفحة 13