كتاب المدارس النحوية

لك بناء ففعلت. قال الزبيدي: "وأحسن أبو العباس في قياسه حين قلب الواو ياء؛ لأن الواو تنقلب في المضارعة ياء؛ ولذلك تقول: ارمييت ولا تقول: ارميوت ... وتبع أبو العباس سُنَّة الأخفش سعيد بن مسعدة, فإنه كان يبني من الأمثلة ما لا مثال له"1.
ومن مصنفاته المطبوعة كتاب المقصور والممدود على حروف المعجم, وهو كتاب نفيس في بابه. وله كتاب "الانتصار لسيبويه من المبرد" ومنه مخطوطة بدار الكتب المصرية, وفيه يتعقب المبرد في كتابه الذي تتبع به كلام سيبويه وسماه "مسائل الغلط" وكان قد كتبه في حداثته مما جعله يعتذر منه2. وقد نقض عليه ابن ولاد كل ما أورده على الإمام النحوي الكبير، وفي كتاب الرد على النحاة لابن مضاء بعض أمثلة من نقضه3. وله آراء نحوية مختلفة، كان يتابع فيها أحيانا الكوفيين على الرغم من إعجابه الشديد بسيبويه وأئمة البصريين، من ذلك تجويزهم أن يجري المقصور مثل مصطفى في جمعه جمعا سالما مجرى المنقوص، فيضم فيه ما قبل الواو في مثل: مصطفُون ويكسر ما قبل الياء في مثل: مصطفِين وقاضين، وكان يقول: إن ذلك لغة لبعض العرب4. وكان يجوز مع أستاذه الزجاج أن تدخل لام الابتداء على معمول الخبر المقدم إذا كان مفعولا به مثل: "إن زيدا لطعامَك آكل"5. وكان يذهب -وتبعه أبو علي الفارسي- إلى أن نون المثنى والجمع السالم عوض عن الحركة والتنوين في المفرد معا6. وذهب -وتبعه ابن مالك- إلى أن "من" مع اسم التفضيل في مثل: "زيد أفضل من عمرو" للمجاوزة لا الابتداء كما ذهب سيبويه، كأنه قيل: جاوز زيد عمرا في الفضل7. وكان سيبويه يذهب إلى أن قولهم: "لاهِ أبوك" أصله: لله أبوك؛ فحذفت لام الجر، ولام التعريف، وبنيت لاه لتضمنها لها مع
__________
1 انظر مناظرة ابن ولاد مع أبي جعفر النحاس في مسائل أخرى في كتاب الأشباه والنظائر 3/ 136-157.
2 الخصائص لابن جني 1/ 206.
3 انظر ص128 وما بعدها.
4 الهمع 1/ 46.
5 الهمع 1/ 139.
6 الهمع 1/ 48.
7 الهمع 1/ 36.

الصفحة 330