كتاب المدارس النحوية
وقت مبكر، فهو يمزج بين النحو البصري والكوفي، وهو ينفذ إلى آراء جديدة. ومن أهم تلاميذه أبو بكر1 الإدفوي المتوفى في العصر الفاطمي سنة 388 للهجرة، وهو منسوب إلى مدينة إدفو بصعيد مصر، وكان يروي عن أستاذه النحاس كل تصانيفه في النحو والقرآن، وعني بالتفسير فصنف فيه كتابا في مائة مجلد سماه "الاستغناء في تفسير القرآن" جمع فيه من علوم العربية ما لم يجتمع بغيره، ويظهر أن ضخامة الكتاب حالت من قديم دون الانتفاع به ومعرفة ما نثره فيه الإدفوي من آراء في العربية.
وأنبه تلامذة الإدفوي الحَوْفي، وهو علي2 بن إبراهيم المتوفى سنة 430 للهجرة، قرأ على الإدفوي وأخذ عنه وأكثر، وتصدر لإقراء النحو، وصنف فيه مصنفا كبيرا استوفى فيه العلل والأصول وصنف مصنفات أصغر منه اشتغل بها المصريون. وصنف في إعراب القرآن كتابا في عشرة مجلدات كان علماء موطنه يتنافسون في تحصيله، وصنف أيضا في تفسير القرآن وعلومه. ونرى ابن هشام يعرض لإعراب "ذلك" في قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} ويقول: إنها بدل أو عطف بيان, ويقول: جوز الفارسي كونها صفة، ورد ذلك الحوفي بأن الصفة لا تكون أعرف من الموصوف3. وفي ذلك ما يشهد بأن الحوفي كان مطلعا على كتاب الحجة لأبي علي الفارسي، وأكبر الظن أنه اطلع على كتاباته الأخرى وكأن نحاة مصر في العصر الفاطمي من أمثال الحوفي كانوا يعنون بمعرفة آراء المدرسة البغدادية وأعلامها النابهين من أمثال الفارسي. وقد توقف ابن هشام مرارا في كتابه المغني بإزاء توجيهات الحوفي الإعرابية لبعض آي الذكر الحكيم، وأكبر الظن أنه نقلها جميعا عن كتابه الذي صنفه في إعراب القرآن، وهو تارة يرتضي توجيهه وتارة يرفضه، فمن ذلك استحسانه ما ذهب إليه في الآية الكريمة:
__________
1 انظر في ترجمة الإدفوي: إنباه الرواة 3/ 186, وطبقات القراء 2/ 198, وطبقات المفسرين للسيوطي ص38, وشذرات الذهب 3/ 130, وبغية الوعاة ص81.
2 راجع في ترجمة الحوفي: معجم الأدباء 12/ 221, وإنباه الرواة 2/ 219, والأنساب للسمعاني الورقة 181, وابن خلكان 1/ 332, واللباب في الأنساب 1/ 239, وشذرات الذهب 3/ 247, وبغية الوعاة ص325.
3 المغني ص553.
الصفحة 334
378