كتاب المدارس النحوية
ما قبل إلا معدى إليه بواسطتها1. واختار رأي الأخفش والفارسي في أن سمع قد تلحق بعلم فتنصب مفعولين مثل: "سمعت محمدا يتكلم"2. وكان يرى أن لام التعريف العهدية خاصة بالأعيان بينما الجنسية خاصة بالأذهان3. وكان يذهب إلى أن الكاف في أسماء الأفعال مثل "إليك" و"رويدك" و"مكانك" حرف خطاب وليست اسما مجرورا مع الحروف ومضافا إليه مع الظروف كما ذهب البصريون ولا فاعلا كما زعم الفراء ولا مفعولا كما زعم الكسائي4.
وتصدر لإقراء النحو بعده تلميذه محمد5 بن بركات المتوفى سنة 520 للهجرة، ويذكر السيوطي في ترجمته أن من أساتذته أيضا محمد6 بن مسعود الغزني المعروف بالزكي والعلاء بن أبي الفتح عثمان بن جني، أما الأول فاشتهر بكتاب له في النحو سماه البديع، يقول ابن هشام عنه: إنه كتاب خالف فيه أقوال النحويين في أمور كثيرة، ويذكر قولا من أقواله هو أن "الذي وأن المصدرية يتقارضان، فتقع الذي مصدرية كقول جميل:
أتقرح أكباد المحبين كالذي ... أرى كبدي من حب بثنة يقرح
وتقع أن بمعنى الذي كقولهم: "زيد أعقل من أن يكذب، أي: من الذي يكذب"7. وأما العلاء فقد كان يروي كتب أبيه ابن جني. ومعنى ذلك أن ابن بركات تزوّد من كتابات ابن جني كما تزود من كتاب البديع لمحمد بن مسعود، وأيضا تزود من أستاذه ابن بابشاذ وخاصة من "تعليقة الغرفة" التي ورثها عنه. وكانت له تصانيف في النحو سقطت من يد الزمن.
واستوطن مصر لسنة خمسمائة كبير نحاة صقلية ولغوييها علي8 بن جعفر
__________
1 الهمع 1/ 224.
2 الهمع 1/ 150.
3 الهمع 1/ 79.
4 الرضي على الكافية 2/ 65، والهمع 2/ 106.
5 انظر في ترجمة ابن بركات: معجم الأدباء 18/ 39، وإنباه الرواة 3/ 78, وشذرات الذهب 4/ 62, ومرآة الجنان 3/ 225، وبغية الوعاة ص24.
6 انظره في البغية ص105.
7 المغني ص602.
8 انظر ترجمته في: معجم الأدباء 12/ 279, وابن خلكان 1/ 339، وشذرات الذهب 4/ 45, ومرآة الجنان 2/ 212, وإنباه الرواة 2/ 236، والبغية ص331.
الصفحة 337
378