كتاب المدارس النحوية

ما لا يكاد يقف به عند حد، من ذلك تعليله بناء الاسم بشَبَهه للحرف من وجه واحد ومنعه من الصرف بشَبَهه للفعل من وجهين، يقول: لأن الشبه بالحرف يبعده عن الاسمية ويعقد صلة بينه وبين ما لا يجانسه، بينما الشبه بالفعل قريب؛ ولذلك لا بد من تعدد وجهه حتى يبتعد الاسم عن بابه، ويقول: إن صلة الحرف بالاسم كصلة الجماد بالإنسان, بينما صلة الفعل بالاسم كصلة الإنسان بالحيوان1. ويتساءل: لِمَ حُذف الموصوف وأُقيمت الصفة مقامه ولم يُفعل ذلك في الموصول؟ ويجيب بأن الصفة تدل على الذات التي دل عليها الموصوف بنفسها باعتبار التعريف والتنكير؛ لأنها تابعة للموصوف في ذلك، والموصول لا ينفك عن جعل الجملة التي معه في معنى اسم معرف، فلو حذف لكانت الجملة نكرة فيختل المعنى2.
__________
1 الأشباه والنظائر 2/ 232.
2 الأشباه والنظائر 2/ 245.
3- ابن 1 هشام:
هو جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري المصري، وُلد بالقاهرة سنة 708 للهجرة وبها توفي سنة 761, وقد طارت شهرته في العربية منذ حياته، فأقبل عليه الطلاب من كل فج يفيدون من علمه ومباحثه النحوية الدقيقة واستنباطاته الرائعة. ويقال: إنه لم يقرأ على أبي حيان سوى ديوان زهير، وكأنه ثمرة العلماء المصريين من أساتذته، وقد تحول يتعمق مذاهب النحاة، وتمثلها تمثلا غريبا نادرا، وهي مبثوثة في مصنفاته مع مناقشتها وبيان الضعيف منها والسديد، مع إثارته ما لا يحصى من الخواطر والآراء في كل ما يناقشه وكل ما يعرضه. وبلغ الإعجاب به لدى بعض معاصريه حدا
__________
1 راجع في ترجمة ابن هشام: الدرر الكامنة لابن حجر 7/ 308, وشذرات الذهب 6/ 191, وبغية الوعاة ص293، والمنهج الأحمد للعليمي ص255.

الصفحة 346