كتاب المدارس النحوية

الذي، فضاربه من صلتها، فحكمها مع الاسم الذي شُغلت عنه حكم الفعل السالف في الصلة؛ ولذلك يجب الرفع1 على الابتداء.
ولم نعرض لكل صور الاشتغال عند سيبويه, إنما عرضنا لصوره المشهورة، وكأنما نثر كنانة اللغة بين يديه وجمع منها كل ما أراد من صور لا في هذا الباب وحده، بل أيضا في كل الأبواب التي يحذف معها الفعل. وقد استكمل صور حذفه مع المفعول به فيما وراء باب الاشتغال، من ذلك تصويره لحذفه في باب التحذير مثل: الأسدَ الأسدَ2، وإياك، وإياك والأسدَ3، وفي باب الاختصاص مثل: "إنا معشرَ العرب كرامٌ" وهو على تقدير: أعني4. ويصور حذفه جوازا, إذا قامت قرينة مثل "مكةَ" لمن رأيته قاصدا الحج أي: تريد مكة5. ويعرض لكثير من الصور السماعية التي يحذف فيها وجوبا مثل: "هذا ولا زعماتِك" أي: ولا أتوهم زعماتك6، ومن ذلك قول العرب في بعض أمثالهم: "كليهما وتمرا" أي: أعطني كليهما وتمرا7، وقول الله جل وعز: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} أي: ائتوا خيرا لكم8، وقولهم: "مرحبا وأهلا وسهلا" أي: أدركت مرحبا وأصبت أهلا ونزلت سهلا9, وقولهم: "امرأً ونفسه"10 أي: دع امرأ ونفسه، وقولهم: "ما لك وزيدا" أي: وتناولك زيدا11، وقولهم: "تربا وجندلا" أي: ألزمك الله أو أطعمك12.
وقد أكثر سيبويه من عقد الأبواب التي تصور حذف الفعل مع المفعول المطلق جوازا ووجوبا، وهو إنما يجب إذا جاء بدلا من فعله كقولهم في الدعاء له: "سقيا ورعيا" أي: سقاك الله ورعاك13, و"هنيئا" أي: لتهنأ14, وقولهم في الدعاء عليه: "ويلك وويحك"15، وقولهم: "حمدا وشكرا"16، وقولهم: "سبحان الله ومعاذ الله
__________
1 الكتاب 1/ 66.
2 الكتاب 1/ 128.
3 الكتاب 1/ 138.
4 الكتاب 1/ 327.
5 الكتاب 1/ 129.
6 الكتاب 1/ 141.
7 الكتاب 1/ 142.
8 الكتاب 1/ 143.
9 الكتاب 1/ 149.
10 الكتاب 1/ 150.
11 الكتاب 1/ 155.
12 الكتاب 1/ 158.
13 الكتاب 1/ 157.
14 الكتاب 1/ 159.
15 الكتاب 1/ 160.
16 الكتاب 1/ 160.

الصفحة 71