كتاب المدارس النحوية

زيد" أي: "من أنت كلامك زيد"، فتركوا إظهار الرافع1، يريد: إظهار المبتدأ، وقول الله جل وعز: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ} أي: ذاك بلاغ2. ومما يطرد فيه حذف المبتدأ النعت المقطوع لمدح أو ذم أو ترحم مثل: مررت بمحمد الفاضلُ أو اللئيم أو المسكين3. وكذلك أي الموصولة إذا أُضيفت وحُذف عائدها, أو بعبارة أخرى: المبتدأ بعدها مثل: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} على تقدير: هو أشد4.
وعلى نحو ما اتسع سيبويه في الحديث عن حذف العوامل على هدي ما قاله أستاذه الخليل في ذلك, اتسع في الحديث عن حذف المعمولات، فمن ذلك الخبر بعد مرفوع لولا في مثل: "لولا عبدُ الله للقِيتُك"، ويفهم من كلامه فيها أن جوابها أغنى عن الخبر5. وكذلك الخبر بعد لو في مثل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} فقد جعل أن وما بعدها في محل رفع بالابتداء، وقال: إن المبتدأ هنا لا يحتاج إلى خبر لاشتمال صلة لولا على المسند إليه والمسند6. ويحذف الخبر في مثل: "كلُّ رجل وضيعتُه", و"أنت وشأنك" أي: مقرونان7, وهو يحذف جوازا كلما وجدت قرينة، وجعل من ذلك {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} في أحد توجيهيه، إذ قال: من الممكن أن يكون الخبر هو المحذوف على تقدير: طاعة وقول معروف أمثل8، وكان الخليل يقول بذلك كما مر بنا في غير هذا الموضع. ومن مواضع حذفه قولهم: "ما أنت إلا سيرا" أي: تسير سيرا، وخرَّج عليه كما أسلفنا الآية الكريمة: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} أي: فيما فرض عليكم حتى لا يكون الخبر طلبيا9. ويحذف خبر إنّ مثل: إنّ ولدا أي: إن لنا ولدا، وخبر ليت مثل: "يا ليت أيام الصبا رواجعا"، أي: يا ليت لنا, وكذلك خبر لا النافية للجنس، وجعل منه: "ألا ماء باردا" أي: لنا10، وكذلك خبر لا العاملة عمل ليس مثل:
__________
1 الكتاب 1/ 162.
2 الكتاب 1/ 191.
3 الكتاب 1/ 252 وما بعدها.
4 الكتاب 1/ 398 وما بعدها.
5 الكتاب 1/ 279.
6 المغني ص298.
7 الكتاب 1/ 151.
8 الكتاب 1/ 71.
9 انظر الكتاب 1/ 72.
10 انظر في الأمثلة المذكورة الكتاب 1/ 284.

الصفحة 74