كتاب المدارس النحوية

مثل: لا رجل ظريفَ عندك، فقد جوز في النعت أن يكون مبنيا على الفتح غير منون مثل الاسم، وقال: لأنهم جعلوا الموصوف والوصف بمنزلة اسم واحد، وجوز أن يكون منصوبا منونا أي: لا رجل ظريفًا عندك، يقول: كأنهم جعلوا الاسم ولا بمنزلة اسم واحد1.
وهدتْه هذه التحليلات وما يماثلها إلى تبين حروف الجر الزائدة، وكلما التقى بها في تعبير نص عليها، من ذلك "من" الزائدة مع الاستفهام والنفي في المبتدأ أو الفاعل مثل: هل من طعام؟ أي: هل طعام؟ وما من طعام أي: وما طعام، ومثل: ما أتاني من رجل أي: ما أتاني رجل2. ومن ذلك الباء الزائدة في حسبك مثل قولهم: بحسبك قولُ السوء، يقول: كأنهم قالوا: حسبُك قول السوء3. وكما تدخل الباء على حسبك, تدخل على المبتدأ بعدها إن قدرت خبرا مقدما مثل: مررت برجل حسبك به من رجل، فبه هنا بمنزلة هو في رأيه ورأى أستاذه الخليل4. ومن توجيهاته الطريفة أنه كان يقول: إن الواو في لغة "أكلوني البراغيث" حرف دال على الجماعة, كما أن التاء في قالتْ حرف دال على التأنيث5. وكان يذهب مع أستاذه الخليل إلى أن كان قد تأتي زائدة, أي: ملغاة في مثل قول الشاعر:
فكيف إذا رأيت ديار قوم ... وجيران لنا كانوا كرام
فقد زادت تبيينا لمعنى المضي6. وكان يرى كذلك أنه تزاد أنْ توكيدا للقسم بين اليمين وفعل القسم وما بعدهما مثل: والله أنْ لو فعلتَ لفعلتُ، وأقسم أن لو جئتَ لجئتُ7. وكان يسمي حروف الجر حروف الإضافة؛ لأنها تضيف معاني الأفعال إلى الأسماء8، وعنده أن "إما" المكسورة المشددة مركبة من إنْ وما9، وأن التنوين في جوار وغواش عوض عن الياء المحذوفة10.
__________
1 الكتاب 1/ 351.
2 الكتاب 1/ 279.
3 الكتاب 1/ 353.
4 الكتاب 1/ 230.
5 الكتاب 1/ 236.
6 الكتاب 1/ 289.
7 الكتاب 1/ 455.
8 الكتاب 1/ 209.
9 المغني ص61.
10 الكتاب 2/ 57, وانظر تعليق السيرافي في الهامش.

الصفحة 79