كتاب المدارس النحوية

فأبى أن يضع لها مثالا على وزنها، وهو فِعْوِيل، وحملها أو بعبارة أخرى: قاسها على "فِعْلِيت" لوجود النظير في هذا المثال، وهو عفريت ونفريت1. وأساس ذلك عنده أن القاعدة لا توضع لمثال واحد شاذ، وإنما توضع لأمثلة كثيرة، وإذا وُجد مثال شاذ حُمل على غيره ودخل في قياسه. وإذا نطقوا كلمة على صيغتين وكانت إحداهما مقيسة والثانية شاذة, نص على ذلك في وضوح مؤثرا لبناء المقيسة على الشاذة، من ذلك كلمة ثور، فقد جمعها العرب على ثِوَرة جمعا قياسيا، كما تقول في كوز: كِوَزة وعود: عودة وزوج: زوجة, وجمعوها أيضا على ثِيَرة جمعا شاذا، يقول: "وقد قالوا: ثِوَرة وثِيَرة قلبوها حيث كانت بعد كسرة، واستثقلوا ذلك، كما استثقلوا أن تثبت في دِيَم، وهذا ليس بمطرد يعني: ثِيَرة"2. وعنده أن جمع صائم صُوَّم لأنه واوي الأصل، ويقول: إنه سمع من العرب من يقول في جمعها: صُيَّم بالياء حملا لها وقياسا على عِصِيّ3. ويقول: إنهم يجمعون حَلْقة على حَلَق شذوذا, محدثين فيها هذا النقص وتغيير حركة اللام كما صنعوا في النسب، إذ نسبوا ثقيفا قائلين: ثقفيّا بحذف الياء وفتح القاف، والقياس فيها عنده ثقيفي4. ويقيس جمع مثل بازل وبُزُل وشارف شرف على جمع مثل صبور وصُبُر وغفور وغفر، وجعل علة القياس أن كلا من المثالين على أربعة أحرف, وبه حرف زائد هو الواو في مثل صبور والألف في مثل بازل5. ويقول: إن القياس في جمع مثل مضروب: مضروبون, غير أنهم قد قالوا: مكسور ومكاسير وملعون وملاعين ومشئوم ومشائيم, شبّهوا هذه الألفاظ أو بعبارة أخرى: قاسوها على ما يكون من الأسماء على هذا الوزن مثل: بهلول وبهاليل6. ويقول: إنهم قاسوا المصدر من سَخِط اللازم على المصدر من غضب المتعدي، فجعلوه سَخَطًا7. ودائما يتشدد سيبويه في القياس، وقد يفضي به تشدده إلى أن يرفض القياس على بعض
__________
1 الكتاب 2/ 348.
2 الكتاب 2/ 369.
3 الكتاب 2/ 370.
4 الكتاب 2/ 183, وقابل بـ 2/ 69.
5 الكتاب 2/ 206.
6 الكتاب 2/ 210.
7 الكتاب 2/ 215.

الصفحة 90