كتاب المدارس النحوية

"في الدار زيد والحجرة عمرو" بعطف الحجرة على الدار وعمرو على زيد1. وذهب مذهبه في أن المنادى المفرد العلم المرفوع إذا أُكِّد بمضاف جاز فيه النصب والرفع, إذ حكي عن بعض العرب: يا تميم كلُّكم, بالرفع2. ومما تابعه فيه أن حاشا في الاستثناء لا تكون جارّة فقط كما ذهب سيبويه، بل قد تكون فعلا متعديا جامدا3، وفاعلها حينئذ في رأي الأخفش ضمير مستكن فيها واجب الإضمار عائد على البعض المفهوم من الكلام, فمثل: قام القوم حاشا زيدا, تقديره: حاشا هو أي: بعضهم زيدا. وتبع الفراء الأخفش في أن عامل الرفع في المضارع هو تجرده من النواصب والجوازم4.
وتنص كتب النحو كثيرا على أن الكوفيين تابعوا الأخفش في هذا الرأي أو ذاك، ومما تابعوه فيه أن اسم الموصول قد يُحذف إذا عُلم، كقول حسان:
أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء
إذ كان يقدر: ومن يمدحه5. وكان يجيز -وتابعه الكوفيون- في المبتدأ إذا كان اسم فاعل أن يغني فاعله عن الخبر بدون اعتماد على استفهام أو نفي، مثل: قائم الزيدان6، وكذلك إذا كان اسم الفاعل اسما لإن, مثل: إن قائما الزيدان7. وكان سيبويه لا يجيز إلغاء ظن وأخواتها إذا تلاها المفعولان، وجوز ذلك الأخفش وتابعه الكوفيون، مستدلين جميعا بقول بعض الشعراء:
إني رأيت ملاك الشيمة الأدب
وقول آخر:
وما إخال لدينا منك تنويل8
وتبعه الكوفيون في أنه يجوز إقامة غير المفعول به من الظرف والجار والمجرور نائب فاعل مع وجوده في الجملة؛ لمجيء ذلك في قراءة أبي جعفر: "ليُجْزَى قومًا بما كانوا يكسبون", فقد نُصبت قوما وهي مفعول، وجُعل الجار والمجرور نائبًا للفاعل، إذ الفعل مبني للمجهول9. ومما تابعوه فيه أن إذا الفجائية في مثل: "خرجت, فإذا محمدٌ بالباب" حرف10, وأن الظرف يرفع الاسم إذا تقدم عليه مثل
__________
1 المغني ص539.
2 الهمع 2/ 142.
3 المغني 1/ 130, والهمع 1/ 223.
4 الهمع 1/ 164.
5 المغني ص692, والهمع 1/ 88.
6 الهمع 1/ 94.
7 الهمع 1/ 136.
8 الهمع 1/ 153.
9 الهمع 1/ 162.
10 المغني ص92, والهمع 1/ 207.

الصفحة 98