كتاب قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن

فَقَالَ الْمُجِيز إِن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا وَصِيَّة لوَارث نَاسخ لقَوْله تَعَالَى {الْوَصِيَّة للْوَالِدين} الْآيَة
وَاحْتج بقوله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} فعمم وَلم يخصص فَوَجَبَ علينا قبُوله
وَقَالَ الْمَانِع الْقُرْآن معْجزَة وَالسّنة غير معْجزَة فَلَا ينْسَخ المعجز من الْقُرْآن مَا لَيْسَ بمعجز من السّنة
وَاحْتج بِأَن السّنة مبينَة لِلْقُرْآنِ وَلَا يكون الْمُبين للشَّيْء نَاسِخا
وَاسْتدلَّ على الْمَنْع بقوله تَعَالَى {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} وَالسّنة لَيست مثل الْقُرْآن إِذْ هِيَ محدثة وَالْقُرْآن غير مُحدث
قلت هَذَا اسْتِدْلَال ظاهري فِيهِ مَا فِيهِ وَأجَاب أَي الْمَانِع عَن قَوْله {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} أَي
مَا أَعْطَاكُم مِمَّا أنزل عَلَيْهِ من الْكتاب فَخُذُوهُ واقبلوه وَصَدقُوا بِهِ
وَعَن قَوْله تَعَالَى {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} أَي الَّذِي يأتيكم بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْقُرْآن هُوَ من عِنْد الله
لم ينْطق بِهِ من عِنْد نَفسه بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى بعد ذَلِك
{إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى}

الصفحة 35