كتاب قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن

فَائِدَة ذكر الْمُفَسِّرُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي مُدَّة إِقَامَته بِمَكَّة إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَلَا يستدبر الْكَعْبَة بل يَجْعَلهَا بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا هَاجر أَمر بِالصَّلَاةِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس تألفا للْيَهُود فصلى بعد الْهِجْرَة سِتَّة عشر شهرا أَو سَبْعَة عشر شهرا وَكَانَ يحب أَن يتَوَجَّه للكعبة لِأَنَّهَا قبْلَة إِبْرَاهِيم وَغَيره من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام
فَقَالَ لجبريل وددت أَن احول للكعبة فَقَالَ إِنَّمَا أَنا عبد مثلك فسل رَبك ثمَّ عرج جِبْرِيل فَجعل عَلَيْهِ السَّلَام يديم النّظر إِلَى السَّمَاء رَجَاء أَن ينزل جِبْرِيل بِمَا يحب من أَمر الْقبْلَة
فَأنْزل الله تَعَالَى {قد نرى تقلب وَجهك} الْآيَة وَلما تحول للكعبة قَالَت الْيَهُود أَن كَانَ على ضَلَالَة فَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون عَلَيْهَا وَأَن كَانَ على هدى فقد رَجَعَ عَنهُ
فَقَالَ الْمُسلمُونَ الْهدى مَا أَمر الله بِهِ والضلالة مَا نهى الله عَنهُ وَاخْتلف هَل كَانَت شرعة التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس بِالسنةِ أَو بِالْقُرْآنِ على قَوْلَيْنِ ذكرهمَا القَاضِي
وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ عَن الْحسن وَابْن الْعَالِيَة وَالربيع وَعِكْرِمَة أَنه كَانَ رَأْيه واجتهاده
وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي أَي صَلَاة حولت الْقبْلَة وَفِي أَي يَوْم وَفِي أَي شهر فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ حولت فِي صَلَاة الظّهْر يَوْم الِاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ من رَجَب على رَأس سَبْعَة عشر شهرا من مقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة قبل قتال بدر بشهرين
وَقيل حولت يَوْم الثُّلَاثَاء لِلنِّصْفِ من شعْبَان على رَأس ثَمَانِيَة عشر شهرا وروى إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ رِوَايَة شَاذَّة أَنَّهَا حولت فِي جُمَادَى الْآخِرَة

الصفحة 56