كتاب قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن

قَوْله تَعَالَى {الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} 178
نزلت فِي حيين فِي الْعَرَب أَرَادَ أحدهم أَن يقتل من خَصمه الْحر بِالْعَبدِ
قَالَ هبة الله اجْمَعْ الْمُفَسِّرُونَ على نسخ هَذِه الْآيَة قلت وَفِي دَعْوَى الْإِجْمَاع بل فِي صِحَة النّسخ نظر وَاخْتلفُوا فِي ناسخها
فَقَالَ بَعضهم نسخهَا قَوْله تَعَالَى {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة وَهُوَ مَذْهَب أهل الْعرَاق
فان قَالَ قَائِل هَذَا مَكْتُوب على بني إِسْرَائِيل فَكيف يلْزمنَا حكمه جَوَابه أَن آخر الْآيَة الزمنا وَهُوَ {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ}
وَقَالَ آخَرُونَ ناسخها قَوْله تَعَالَى فِي الْإِسْرَاء {وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل}
وَقتل الْحر بِالْعَبدِ إِسْرَاف وَكَذَلِكَ قتل الْمُسلم بالكافر قلت دَعْوَى النّسخ بِهَذِهِ الْآيَة فِيهِ نظر لِأَنَّهَا مَكِّيَّة وَالْبَقَرَة مَدَنِيَّة
وَأَيْضًا هَذِه لَا تصلح أَن تكون نَاسِخا إِلَّا لقَوْله {النَّفس بِالنَّفسِ} لَوْلَا مَا مر لَكِن السّنة خصصت فِيهَا عدم قتل الْحر بالرقيق وَالْمُسلم بالكافر عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة خلافًا للحنفية وخصصت أَيْضا عدم قتل الْفَرْع بِالْأَصْلِ إِجْمَاعًا

الصفحة 58