كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي - كتاب الطهارة

يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟] فكان يقول هذه الجملة، ولذلك من السُّنة أن تُقالَ بعد المقدمة.
وقد يُكرِّرها البعضُ فيقول: أما بعد، ثم يأتي بكلمة، ثم يقول: " ثم أما بعد " والذي يظهر الاقتصار على السُّنة أن يثنى على الله، ويحمده فإذا انتهى من الثناءِ، والحمدِ قال: أمّا بَعدُ، ودخل في المقصود، فتكرارها لا يحفظ له أصل؛ خاصة في خطب الجمع، ونحوها يقتصر على قوله: أمَّا بَعدُ مرةً واحدةً؛ لأنه هديه عليه الصلاة، والسلام، وسنته.
قال المصنف رحمه الله: [فهذا مُخْتصرٌ]: قوله رحمه الله (هذا) إسم إشارة، وهناك حالتان:
الحالة الأولى: أن يُشار إلى شيءٍ موجود، فحينئذ لا إشكال؛ لأنه الأصل فيها أنها اسم إشارة تدل على شيء موجود، فتقول: هذا البيت، فإذا كان المصنف رحمه الله قد كتب هذه المقدمة بعد فراغه من الكتاب، فحينئذ لا إشكال في إشارته بقوله (هَذا مُخْتَصرٌ)؛ لأنه موجود مكتوب.
والحالة الثانية: أن يشار بها إلى شيءٍ غير موجود من باب تنزيل المعدوم منزلة الموجود، فإذا كان المصنف رحمه الله كتب هذه المقدمة عند إبتدائه لتصنيف الكتاب، فإنه يكون قد نزّلَ المعدومَ منزلةَ الموجودِ، وقد درج كثير من العلماء رحمهم الله على ذلك أعني كتابة المقدمة عند إبتداء التصنيف والتأليف؛ لا بعد الفراغ منه، وقد يصرح بعضهم بذلك فيقول: (هذا أوان الشروع فيه) ومنهم من يفهم منه ذلك حينما يقول في مقدمته (وأسأل الله أن يعين

الصفحة 14