كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي - كتاب الطهارة

صامت لم يصحّ صومها، وإذا كانت عالمة بالتحريم، وصامت؛ فهي آثمة شرعاً، لكن لو كانت لا تدري أن هذا الدم دم حيض فكانت تظنّه دمَ استحاضة، وصامت، أو صلّت ظانّة أنها طاهر، وتبيّن أن هذا الدم دم حيض؛ فإنه لا إثم عليها؛ لأنها لم تقصد المخالفة؛ ولا يحكم بصحة صومها، ولا صلاتها، فيلزمها أن تُعيد الصّوم، دون الصلاة.
قوله رحمه الله: [ويحرمُ وطْؤُها في الفَرجِ]: أي: يحرم على الرجل أن يجامع امرأته الحائض في فرجها؛ والدليل على ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} ووجه الدلالة: في قوله سبحانه: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيض} فالمحيض: إِسم مكان كالمقيل، أي مكان الحيض.
فقوله: {إعْتَزِلُوا} أمر بالإعتزال، وقيّد المعتزل بالمكان في قوله: {فِي الْمَحِيضِ} وهو: إِسم مكان للحيض كالمَقيلِ اسم مكانٍ للقيلولة، فدلّ على حُرمة الوطء في الفرج الذي هو مكان الحيض مدة الحيض، وخصّ الله التحريم بالوطء، وجعل الإعتزال منحصراً فيه، ومفهوم ذلك أنها لا تُعتزلُ في غيره، ومن هنا جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمؤاكلة الحائض، ومشاربتها، ومجالستها على خلاف ما كان يفعله أهل الكتاب من اليهود، وغيرهم من عدم مؤاكلة الحائض ومجالستها حتى ينتهي حيضها، وثبتت السنة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتحريم الوطء في الفرج بالنسبة للمرأة الحائض، كما في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: [إصنَعُوا كل شيءٍ إلا النِّكاحَ]، فقوله: [إِلا

الصفحة 396