كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي - كتاب الطهارة

والمذهب الأول أحوط، وأبعد عن الشّبهة في بقائه على الأصل الموجب لتحريم الوطء، وما قارب الفرج وسيلة للمحرم.
وفرّق بعض العلماء -وهو قول ثالث- يفرق بين الذي يستطيع أن يضبط نفسه، والذي لا يستطيع أن يضبطها، فقالوا: يباشر بما دون الفرج قريباً من الفرج إذا كان يملك نفسه، والغالب عليه السلامة وإلا فلا، وهذا القول له أصل من السنة في قبلة الصائم كما سيأتي إن شاء الله، وهو مبني على القياس ومعارَضٌ بعموم الوارد هنا.
حرم الله وطء الحائض رحمة بالعباد، حتى ذكر بعض الأطباء المعاصرين أنه في إحدى المؤتمرات الطبية، قالت طبيبة غربية متخصصة: إنها وصلت إلى أمر هام في الطب، وهو أن من يجامع المرأة، وهي حائض أنه تلتهب عنده البروستات، وهي الغُدّة المعروفة. فقال أحد الأطباء المسلمين: هذا الذي توصلت إليه اليوم عرفه المسلمون منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً؛ فإن الله -عز وجل- يقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} فأخبر أنه أذى، فهو يشمل أذى الحسِّ، والمعنى، فكان هذا من إعجاز القرآن، فالمسلمون يعرفون أن هذا الشيء يفضي إلى الضرر، ويستوي في ذلك عوامهم، وعلمائهم.
فمن رحمة الله أنه حرم الجماع في هذا الوقت، وذكر بعض الأطباء أنه كما يؤدي إلى الضّرر بالرجل فإنه كذلك يؤدي إلى أضرار في نفسية المرأة.
قوله رحمه الله: [فإِنْ فَعَل فعليهِ دينارٌ، أو نِصْفُه كفارةً] قوله: [فإن فَعل]: أي المكلف، فجاوز حدود الله عز وجل وجامع امرأته، وهي حائض.

الصفحة 398