كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي - كتاب الطهارة

كما هي القاعدة في الأصول، فلما زال دم الحيض زال المانع؛ فجاز له أن يجامع.
لكن الجمهور قالوا: إن في الآية غاية، وشرطاً، فالغاية في قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}، والشرط في قوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}.
قال الإمام أبو حنيفة: العبرة بالغاية؛ لأن القاعدة في الأصول: " أنَّ ما بعدَ الغايةِ يُخالف مما قَبلَها في الحُكْمِ "، لأنه لو كان الذي بعد الغاية كالذي قبلها لم تكن هناك فائدة من ذكر الغاية، وهذا صحيح إذا كانت الغاية ليس معها شرط، أما إذا اقترنت بالشرط فلا بد من تحققه معها لإفادة الحكم وعليه؛ فإنه يترجح مذهب الجمهور رحمهم الله من إعتبارهما معاً، وقد جاءت في الشريعة نظائر لمسألتنا منها: قوله سبحانه وتعالى في بيان رفع الحجر عن اليتامى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (¬1) فقال: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} فهذه غاية، وهي: البلوغ، ثم قال سبحانه: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُم} وهذا شرط، فلا مانع أن تثبت الغاية مع ثبوت الشرط، فنقول: إن آية الحيض فيها غاية، وشرط، والقاعدة: " أنه إِذا تخلّف الشرطُ تخلّف المشروطُ، وإذا وجدَ الشرطُ حُكم بالمَشْروطِ ". فإذًا تقول: إذا وجد الاغتسال؛ جاز له أن يجامع، وإلا فلا.
¬_________
(¬1) النساء، آية: 6.

الصفحة 403