كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي - كتاب الطهارة

وقد إختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة في عدد الأشهر التي يُشترط تكرارها، وذلك على قولين:
القول الأول: وهو مذهب الجمهور، وهم المالكية، والشافعية، والحنابلة رحمهم الله: أن العادة تثبت بثلاثة أشهر تكون بعدد واحد، فإذا تكرر دم الحيض ثلاثة أشهر متتابعة بعدد واحد حكمنا بكونها معتادة بعد الشهر الثالث.
القول الثاني: أن العادة بشهرين، يتكرر فيهما الدم بعدد واحد لا يختلف، وهذا هو مذهب الحنفية رحمهم الله.
ومذهب الجمهور رحمهم الله أحوط، ومذهب الحنفية أقوى لأن المعاودة تحصل بالمرتين، وقد مشى المصنف رحمه الله على مذهب الجمهور في إثبات العادة، وهو إِشتراط التكرار ثلاثة أشهر، فمحل الخلاف: في اشتراط الشهر الثالث، وإذا ثبتت العادة، وجب الرجوع إليها، وقد دلّ على ذلك قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [لِتنْظُر الأيامَ التي كانتْ تحيضهُنَّ قبلَ أنْ يُصيبَها الذي أَصابَها] فردّها عليه الصلاة والسلام إلى العادة، فدلّ على إعتبارها في الحيض، فلو أن امرأة سألتك، وقالت: إن الدم استمر معي عشرين يوماً فمتى أحكم بكوني طاهرة؟
تقول: هل لك عادة؟
فإن قالت: نعم كانت عادتي من قبل خمسة أيام، فتقول: اُمكثي خمسة أيام، ثم إذا مضت الخمسة الأيام فاغتسلي، وصلّي، وصومي.

الصفحة 411