كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي - كتاب الطهارة

قوله رحمه الله: [والمستحاضةُ المعتادةُ، ولوْ مُميّزةً تجلسُ عادَتَها]: المستحاضة: إِستفعال من الحيض، يعني: استمر معها دم الحيض، فالمرأة إذا جرى معها الدم ثلاثين يوماً كما قررنا في المجلس الماضي فإنه بالإجماع لا يقال إن الشهر كله حيض بل نقول: بعضه حيض، وباقيه إستحاضة.
والدليل على ذلك: قوله -عليه الصلاة والسلام- في الصحيح لما سألته فاطمةُ بنتُ أبي حُبيشٍ رضي الله عنها فقالت له: -يا رسولَ الله- إني أُستحاضُ، فَلا أَطهُر، أَفأدعُ الصَّلاةَ؟، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[إِنما ذلِكِ عِرْق، ولَيْس بالحَيْضةِ] فبيّن لها عليه الصلاة والسلام أنّ الدم كله لا يعتبر حيضاً بل بعضه حيض، وباقيه إستحاضة، وهكذا لما سألته حمنة بنت جحش رضي الله عنها فقالت: [يا رسولَ الله إنّي أُستحاضُ حيضةً كثيرةً شديدةً] لم يعتبر عليه الصلاة والسلام جميع دمها حيضاً بل قال لها عليه الصلاة والسلام: [إِنما هذه ركضةٌ من ركَضَاتِ الشّيطانِ فتحيّضِي سِتّة أيام، أو سَبعةً في علمِ اللهِ] فإذا ثبت هذا، وهو أن الدم ليس كله حيضاً بل بعضه حيض، وبعضه إستحاضة؛ فإنه يرد السؤال: إذا كانت المرأة ترجع إلى عادتها، وتمييزها، كما دلت السنة على إعتبار الأمرين فهل تقدم عادَتها، أو تمييزَها؟ فبيّن رحمه الله: أن العادة مُقدّمةٌ على التّمْييز، وذلك لحديث فاطمةَ بنتِ أبي حُبيشٍ رضي الله عنها في الصحيحين حيث رَدّها عليه الصلاة والسلام إلى عادتها في قوله: [دَعِي الصّلاةَ أيامَ أَقرائِكِ] ولم يستفصل، فلم يسألها هل لك تمييز، أو لا؟ بل ردّها إلى عادتها مباشرة، فدلّ على قوة العادة وأنها هي المعتبرة سواء وُجد تمييزٌ، أو لم يُوجدْ لأنّ

الصفحة 420